لكن ذلك ليس مراد القائلين بالترتب أصلا ، فان محذور طلب الجمع بين الضدين على هذا الوجه باق بحاله ، وذلك لأن المفروض ان الأمر بالأهم في الآن الثاني باق على فعليته من جهة فعلية موضوعه ، وهو قدرة المكلف على امتثاله بان يرفع اليد عن المهم ويمتثل الأمر بالأهم ، هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى ان الأمر بالمهم أيضا فعلى في ذلك الآن ، وليست فعليته مشروطة بعصيان الأمر بالأهم فيه لفرض ان شرطها ـ وهو عصيانه في الآن الأول ـ قد تحقق في الخارج ، ولم تتوقف فعليته في الآن الثاني والثالث ، وهكذا على استمرار عصيانه كذلك ، فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين هي ان كلا من الأمر بالأهم والأمر بالمهم فعلى في الآن الثاني وفي عرض الآخر. وعليه فيلزم محذور طلب الجمع بين الضدين.
واما إذا قلنا بان شرط فعلية الأمر بالمهم عصيان الأمر بالأهم في جميع أزمنة امتثاله ، بمعنى ان فعليته تدور مدار عصيانه حدوثاً وبقاء فلا يكفي عصيانه آناً ما ، لبقاء امره إلى الجزء الأخير منه ، ففعلية الأمر بالصلاة ـ مثلا ـ عند مزاحمتها بالإزالة مشروطة ببقاء عصيان امر الإزالة واستمراره إلى آخر أزمنة امتثال الصلاة وبانتفائه في أي وقت كان ينتفي الأمر بالصلاة ، ضرورة ان بقاء امر المهم منوط ببقاء موضوعه ، والمفروض ان موضوعه هو عصيان الأمر بالأهم ، ولا بد من فرض بقائه إلى آخر أزمنة امتثال المهم في تعلق الأمر به فعلا ، فان تعلق الأمر به كذلك في أول أزمنة امتثاله منوط ببقاء عصيان الأمر بالأهم إلى الجزء الأخير من المهم ، فان هذا نتيجة تقييد إطلاق الأمر بالمهم بعصيان الأهم. وكون المهم واجباً ارتباطياً ، وعلى هذا فليس هنا طلب للجمع بين الضدين أصلا كما سيأتي توضيحه وهذا بناء على وجهة نظرنا من إمكان الشرط المتأخر ، وكذا إمكان تعلق الوجوب بأمر متأخر مقدور في ظرفه على نحو الواجب المعلق كما حققناهما في محلهما لا إشكال فيه ، إذ لا مانع حينئذ من ان يكون العصيان المتأخر شرطاً للوجوب