المتقدم بمعنى ان فعلية وجوب المهم في أول أزمنة امتثاله تكون مشروطة ببقاء عصيان الأهم إلى آخر زمان الإتيان بالمهم ، وبانتفائه يستكشف عدم فعلية وجوب المهم من الأول ، ومن هنا قلنا انه لا مناص من الالتزام بالشرط المتأخر في الواجبات التدريجية كالصلاة ونحوها ، فان وجوب أول جزء منها مشروط ببقاء القدرة على الجزء الأخير منها في ظرفه ، وإلا فلا يكون من الأول واجباً ، وهذا ثمرة اشتراط وجوب تلك الواجبات بالقدرة في ظرف الامتثال من ناحية ، وارتباطيتها من ناحية أخرى.
واما بناء على وجهة نظر شيخنا الأستاذ (قده) من استحالة الشرط المتأخر وكذا الواجب المعلق فيشكل الأمر في المقام ، ومن هنا قد تفصى عن هذه المشكلة بما أجاب به عن الإشكال في اشتراط القدرة في الواجبات التدريجية ، وقال ان المقام داخل في تلك الكبرى ـ أي اشتراط التكليف بالقدرة ـ ومن إحدى صغرياتها فان اشتراط التكليف بالمهم بعصيان تكليف الأهم انما هو لأجل انه غير مقدور إلا في هذا الفرض ، ولذا لا نحتاج في اشتراط تكليف المهم بعصيان تكليف الأهم إلى دليل خاص ، فالدليل عليه هو حكم العقل باشتراط التكليف بالقدرة ، فانه يوجب اشتراط خطاب المهم بعصيان خطاب الأهم ، لكون المهم غير مقدور شرعاً ـ وهو في حكم غير المقدور عقلا ـ إلا عند تحقق هذا الشرط. وحاصل ما أجاب به (قده) ان الشرط هو القدرة على الجزء الأول من اجزاء الواجب التدريجي المتعقبة بالقدرة على بقية الاجزاء فشرط وجوب الصلاة ـ مثلا ـ انما هو القدرة على التكبيرة المتعقبة بالقدرة على بقية اجزائها.
ومن الواضح ان عنوان التعقب عنوان حاصل بالفعل ، وبذلك يدفع محذور الالتزام بالشرط المتأخر ، وعليه يكون شرط فعلية وجوب المهم عصيان الأهم في الآن الأول متعقباً بعصيانه في بقية الآنات. والمفروض ان عصيانه في آن أول امتثال المهم المتعقب بعصيانه في بقية أزمنة امتثال المهم موجود بالفعل