موضوع الأمر بالمهم ، والمفروض ان الموضوع مقدم على الحكم رتبة ، فلازم ذلك تقدم الأمر بالأهم على الأمر بالمهم برتبتين ـ يدفعها ما أشرنا إليه من ان التقدم أو التأخر بالرتبة يحتاج إلى ملاك راجع إلى ذات الشيء وطبعه ، وتقدم الأمر بالأهم على عصيانه بملاك لا يقتضى تقدمه على ما هو متأخر عن العصيان رتبة كما لا يقتضى تقدمه على ما هو في مرتبته بعد ما كان الجميع متحدة في الزمان ، وموجودات في زمان واحد. ومن هنا قلنا أن العلة مقدمة على المعلول دون عدمه ، مع انه في مرتبته.
واما الأمر الثاني فيظهر فساده مما ذكرناه من ان ملاك استحالة الترتب وإمكانه هو لزوم طلب الجمع بين الضدين من اجتماع الأمرين في زمان واحد ، وعدم لزومه ، ولا يفرق في ذلك بين ان يكون الأمر بالمهم مشروطاً بعصيان الأمر بالأهم أو بالعزم عليه ، فانه كما يقتضى هدم تقدير عصيانه يقتضى هدم تقدير العزم عليه أيضاً ، فلا فرق بينهما من هذه الناحية. وعلى الجملة فملاك جواز الترتب على تقدير اشتراط الأمر بالمهم بعصيان الأمر بالأهم موجود بعينه في صورة اشتراطه بالعزم على عصيانه.
نعم الّذي يرد عليه هو ان العزم ليس بشرط. والوجه فيه هو ان هذا الاشتراط قد ثبت بحكم العقل. ومن الواضح ان العقل لا يحكم إلا بثبوت الأمر بالمهم في ظرف عصيان الأمر بالأهم خارجاً وعدم الإتيان بمتعلقه.
وان شئت فقل : ان مقتضى المزاحمة بين الأمر بالأهم والأمر بالمهم هو سقوط إطلاق الأمر بالمهم حال العجز وعدم القدرة على امتثاله ، وبقاؤه في حال القدرة على امتثاله ، لعدم موجب لسقوطه حينئذ ، ومقتضى ذلك هو اشتراط الأمر بالمهم بنفس العصيان الخارجي ، لا بالعزم على عصيانه.
الرابع ـ ان العصيان الّذي هو شرط لفعلية الأمر بالمهم ان كان شرطاً بوجوده الخارجي على نحو الشرط المقارن فهو هادم لأساس الترتب ، إذا الترتب عند القائل به مبتن على وجود كلا الأمرين ـ أعني بهما الأمر بالأهم والأمر بالمهم ـ في زمان واحد