مترتباً على عصيان الخطاب بالأهم وترك متعلقه. ومن الواضح ان هذا إنما يعقل فيما إذا لم يكن المهم ضروري الوجود في الخارج عند عصيان الأهم وعدم الإتيان به وإلا فلا يعقل تعلق الأمر به في هذا الحال ، ضرورة استحالة تعلق الطلب بما هو ضروري الوجود في الخارج ، كما انه يستحيل تعلقه بما هو ممتنع الوجود فيه ، وبذلك يظهر ان مورد البحث في المسألة انما هو في الضدين الذين لهما ثالث كالصلاة والإزالة ـ مثلا ـ والقيام والقعود والسواد والبياض وما شاكلهما ، فان وجود أحدهما لا يكون ضرورياً عند عصيان الآخر وتركه. واما الضدان اللذان لا ثالث لهما كالحركة والسكون وما شابههما فلا يعقل جريان الترتب فيهما ، لأن وجود أحدهما عند عصيان الآخر وتركه ضروري فلا يكون قابلا لأن يتعلق به الخطاب الترتبي ، بداهة ان طلبه عندئذ يكون من قبيل طلب الحاصل.
وعلى الجملة فإذا كان وجود الشيء ضرورياً على تقدير ترك الآخر كوجود الحركة ـ مثلا ـ على تقدير ترك السكون أو بالعكس لاستحال تعلق الأمر به على هذا التقدير ، لأن قبل تحقق ذلك التقدير يستحيل كون الأمر المتعلق به فعلياً ، لاستحالة فعلية الحكم بدون فعلية موضوعه وتحققه ، وبعد تحققه يكون طلبه طلباً لإيجاد الموجود وهو محال. فقد تحصل ان طلب أحد الضدين الذين لا ثالث لهما على تقدير ترك الآخر طلب لما هو مفروض الوجود في الخارج ، وهو مستحيل ، كما انه يستحيل طلب الشيء على فرض وجوده أو عدمه فيه على ما سبق.
وبعد ذلك نقول : ان الجهر والإخفات في القراءة بما ـ انهما من الضدين الذين لا ثالث لهما ، وكذا القصر والتمام ، فان المكلف في حال القراءة لا يخلو من الجهر أو الإخفات ، وكذا في حال الصلاة لا يخلو من القصر أو التمام ، ولا ثالث في البين ـ فلا يعقل جريان الترتب فيهما ، لفرض ان وجود أحدهما على تقدير ترك الآخر ضروري. وعليه فيستحيل تعلق الأمر بأحدهما في ظرف ترك الآخر ، لأنه طلب الحاصل ، فلا يمكن ان يقال : ان الإخفات