الثاني ـ دعوى ان استحالة التقييد تستلزم استحالة الإطلاق.
ولكن قد عرفت فساد كلتا الدعويين في غير موضع هذا مضافاً إلى ان الدعوى الأولى ـ على تقدير تسليمها في نفسها ـ لا توجب تقييد المتعلق بخصوص تلك الحصة ، كما تقدم الكلام في ذلك بشكل واضح فلا نعيد.
فالصحيح في المقام ان يقال ـ كما ذكرناه سابقاً ـ ان هذه الصورة أعني بها ما إذا كان المهم موسعاً والأهم مضيقاً ـ خارجة عن كبرى مسألة التزاحم لنمكن المكلف فيها على الفرض من الجمع بين التكليفين في مقام الامتثال ، ومعه لا مزاحمة بينهما أصلا. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى ان البحث عن إمكان ترتب أحد الحكمين على عدم الإتيان بمتعلق الحكم الآخر واستحالة ذلك انما هو في فرض التزاحم بينهما ، وإلا فلم يكن للبحث عنه موضوع أصلا ، كما هو واضح.
فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين هي ان الصورة المزبورة خارجة عن موضوع بحث الترتب ، فان موضوع بحثه هو ما إذا لم يمكن إثبات صحة المهم الأبناء على القول بالترتب ، وفي المقام يمكن إثبات صحته بدون الالتزام به ، بل ولو قلنا باستحالته كما عرفت غير مرة.
الثالث ـ ذكر شيخنا الأستاذ (قده) ان المكلف قد يكون عالماً بخطاب الأهم قبل الشروع في امتثال خطاب المهم ، وقد يكون عالماً به بعد الشروع فيه. اما على الفرض الأول فيدور الحكم بصحة الإتيان بالمهم وامتثال خطابه مدار القول بإمكان الترتب ، كما ان الحكم بفساده يدور مدار القول بامتناعه كما سبق. واما على الفرض الثاني وهو ما إذا كان المكلف عالماً بخطاب الأهم بعد الشروع فيه ، فان كان الواجب المهم مما لا يحرم قطعه فحكمه حكم الفرض الأول بلا كلام. واما ان كان مما يحرم قطعه ، كما إذا دخل في المسجد وشرع في الصلاة ثم علم بتنجسه ، فعندئذ لا يتوقف بقاء الأمر بالمهم ـ وهو الصلاة في مفروض المثال ـ على القول بالترتب فيمكن