متعلقه في نفسه محلل للحرام ، لاستلزامه ترك الواجب وهو الحج فلا ينعقد ، لما قد عرفت من اشتراط صحته بعدم كون متعلقه كذلك. وعليه فلا مناص من تقديم وجوب الحج على وجوب الوفاء بالنذر.
أو فقل : انه لا مانع من فعلية وجوب الحج ـ هنا ـ على الفرض ما عدا وجوب الوفاء بالنذر وأشباهه ، وحيث انه مشروط بعدم كون متعلقه في نفسه مستلزماً لترك واجب أو فعل حرام فلا محالة لا يكون فعلياً في هذا الفرض أي فرض مزاحمته مع وجوب الحج ـ ليكون مانعاً عن فعلية وجوبه ، لاستلزام الوفاء به ترك الواجب وهو الحج. وعليه فلا محالة يكون وجوب الحج فعلياً ورافعاً لموضوع وجوب الوفاء بالنذر ، كما هو واضح.
وعلى هذا الأساس نستنتج من ذلك كبرى كلية وهي ان كل واجب لم يكن وجوبه مشروطاً بعدم كون متعلقه في نفسه محللا للحرام يتقدم في مقام المزاحمة على واجب كان وجوبه مشروطاً بذلك كالواجبات الإلهية التي ليست بمجعولة في الشريعة المقدسة ابتداء ، بل هي مجعولة بعناوين ثانوية كالنذر والعهد والحلف والشرط في ضمن عقد وما شاكل ذلك ، فان وجوب الوفاء بتلك الواجبات جميعاً مشروط بعدم كونها مخالفة للكتاب أو السنة ومحللة للحرام ، فتؤخذ هذه القيود العدمية في موضوع وجوب الوفاء بها.
وعلى ذلك يترتب ان تلك الواجبات لا تصلح ان تزاحم الواجبات التي هي مجعولة في الشريعة المقدسة ابتداء ، كالصلاة والصوم والحج وما شابه ذلك ، لعدم أخذ تلك القيود العدمية في موضوع وجوبها. وعليه ففي مقام المزاحمة لا موضوع لتلك الواجبات. فينتفي وجوب الوفاء بها بانتفاء موضوعه.
فالنتيجة ان عدم مزاحمة تلك الواجبات معها لقصور أدلتها عن شمولها في هذه الموارد ـ أعنى بها موارد مخالفة الكتاب أو السنة وتحليل الحرام في نفسها ـ لانتفاء موضوعها ، لا لوجود مانع في البين. ومن هنا قلنا ان أدلة وجوب الوفاء بها ناظرة