الخميس ، والقيام في صلاة الظهر أو المغرب ، فلا عذر له في تركه أصلا ، لفرض ان وجوبهما فعلى ، ولا مانع من فعليته أصلا ، ضرورة ان المانع ـ هنا ـ ليس إلا التكليف بالصوم أو القيام في ظرف متأخر. ومن المعلوم انه لا يصلح ان يكون مانعاً ، لفرض عدم وجوب احتفاظ القدرة على امتثاله في ظرفه ، لما عرفت من ان القدرة المعتبرة فيه إنما هي القدرة في ظرف العمل ، لا ـ مطلقاً ـ فاذن كما لا يجب حفظ القدرة قبل مجيء وقته ، كذلك لا يجب تحصيلها.
فعلى هذا لا مناص من الالتزام بلزوم تقديم المتقدم زماناً على الآخر ، ولا عذر له في ترك امتثاله باحتفاظ القدرة على امتثال الواجب المتأخر أبداً ، لعدم المقتضى له لذلك أصلا ، ففي الأمثلة المزبورة لا بد من الإتيان بالصوم يوم الخميس ، وبالقيام في صلاة الظهر أو المغرب ، ولا يجوز الاحتفاظ بالقدرة بتركهما على الصوم يوم الجمعة ، والقيام في صلاة العصر أو العشاء. ومن المعلوم انه بعد الإتيان بالواجب المتقدم يعجز المكلف عن امتثال الواجب المتأخر ، فينتفي عندئذ بانتفاء موضوعه ـ وهو القدرة في ظرفه ـ.
ومن هذا القبيل ما إذا دار الأمر بين ترك الصوم في العشرة الأولى من شهر رمضان وتركه في العشرة الثانية ، كما إذا فرضنا ان شخصاً لا يتمكن من الصوم في كلتا العشرتين معاً ، ولكنه قادر عليه في إحداهما دون الأخرى ، فانه لا بد من تقديم الصوم في العشرة الأولى على الصوم في العشرة الثانية ، فان وجوب الصوم في العشرة الأولى فعلى بفعلية موضوعه ، ولا حالة منتظرة له أبداً ، وهذا بخلاف وجوبه في العشرة الثانية ، فانه غير فعلى من جهة عدم فعلية موضوعه. وعليه فلا عذر له في تركه في الأولى باحتفاظ القدرة عليه في الثانية ، ضرورة ان القدرة المعتبرة على الصوم في كل يوم في ظرفه ، فان كان المكلف قادراً على الصوم في اليوم الأول أو الثاني فهو مكلف به ، وإلا فلا تكليف به أصلا ، ولا يجوز له الاحتفاظ بالقدرة بترك الصوم في اليوم الأول على الصوم في اليوم الثاني ، بل لا بد له من