الإتيان به في اليوم الأول ، فان تمكن منه بعده في اليوم الثاني أيضاً فهو ، وإلا فينتفي بانتفاء موضوعه ـ وهو القدرة ـ وكذا الحال في المثال المزبور ، فانه لا بد من الإتيان بالصوم في العشرة الأولى فان تمكن بعده من الإتيان به في العشرة الثانية أيضاً فهو ، وإلا فينتفي التكليف به بانتفاء موضوعه ـ وهو القدرة في ظرفه ـ ولا يجوز له حفظ القدرة على الصوم في الثانية بتركه في الأولى ، ولو فعل ذلك كان معاقباً عليه ، لأنه ترك التكليف الفعلي من دون عذر ، وحينئذ (أي حين تركه في الأولى) وجب عليه في الثانية لا محالة ، لقدرته عليه فعلا ، ولا عذر له في تركه ـ أصلا ـ فلو تركه كان معاقبا عليه أيضا.
فالنتيجة انه لو ترك الصوم في العشرة الأولى والثانية معاً يستحق عقابين ، وهذا ليس عقاباً على ما هو خارج عن الاختيار والقدرة ، ليكون قبيحاً من الحكيم فان استحقاقهما إنما هو على الجمع بين تركه في الأولى وتركه في الثانية ، وهو مقدور له بالوجدان ، ولا يكون العقاب عليه من العقاب على ما ليس بالاختيار.
نظير ما ذكرناه في بحث الترتب من أن المكلف عند ترك الأهم والمهم معاً يستحق عقابين ، وقلنا هناك ان هذا لا يكون عقاباً على ما ليس بالاختيار ، لأنه على الجمع بين التركين ، وهو مقدور له بالبداهة ، لا على ترك الجمع بينهما ، ليكون غير مقدور كما تقدم. وفيما نحن فيه تعدد العقاب عند ترك كلا الواجبين من جهة الجمع بين التركين ، لا من جهة ترك الجمع بينهما ، ليكون عقاباً على غير مقدور. وهذا واضح.
وقد تحصل مما ذكرناه انه لا مسوغ للمكلف في أن يترك الصوم في العشرة الأولى ، ويحفظ قدرته عليه في العشرة الثانية أو الأخيرة ، بل لا بد له من الإتيان به في الأولى ، ومعه يعجز عن الإتيان به في الثانية.
ومن ذلك يظهر الحال فيما إذا دار الأمر بين ترك الطهارة المائية في الظهرين ، وتركها في العشاءين ، كما إذا كان عنده مقدار من الماء لا يكفي بكلتيهما