معاً ، فلو صرفه في الوضوء أو الغسل للظهرين فلا يبقى للعشاءين ، وان احتفظ به للعشاءين فلا يتمكن من الإتيان بالظهرين مع الوضوء أو الغسل.
والوجه فيه واضح وهو ان المكلف واجد للماء فعلا بالإضافة إلى صلاتي الظهرين. وقد ذكرنا ان المراد من وجدان الماء في الآية المباركة هو الوجدان بالإضافة إلى الصلاة المكلف بها فعلا ـ لا مطلقاً ـ كما ان المراد من عدم الوجدان فيها ذلك ، والمفروض ـ هنا ـ أن المكلف واجد للماء بالإضافة إلى صلاتي الظهرين المكلف بهما فعلا ، فيكون مشمولا لقوله تعالى : «إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم إلى آخر الآية». هذا من جانب.
ومن جانب آخر ان الوجدان المعتبر في توجه التكليف بالصلاة هو الوجدان في وقتها ، فلا أثر للوجدان قبله ، ولا يكون الوجدان قبل الوقت موجباً لتوجه التكليف بالصلاة إليه فعلا ، ضرورة انه لا وجوب لها قبل دخول وقتها.
فالنتيجة على ضوء هذين الجانبين هي انه مكلف بصلاتي الظهرين مع الطهارة المائية لكونه واجداً للماء ، ووظيفة الواجد هي الطهارة المائية ، لا غيرها ، ولا يكون مكلفاً بالعشاءين فعلا ، لعدم دخول وقتهما ، فانه لا أثر لوجدانه الماء بالإضافة إليهما ، والمفروض انه بعد الإتيان بالظهرين يصير فاقداً للماء ، ووظيفة الفاقد هي الطهارة الترابية ، دون غيرها. وعلى هذا فلا مسوغ لترك صلاتي الظهرين مع الطهارة المائية والإتيان بهما مع الطهارة الترابية ، ليحتفظ بالماء لصلاتي العشاءين ، لما عرفت من عدم المقتضى للحفظ أصلا ، بل المقتضى لصرفه في الوضوء أو الغسل للظهرين موجود ، وهو فعلية التكليف بهما مع الطهارة المائية. وكذا الحال في بقية الاجزاء والشرائط ، فلو دار الأمر بين ترك جزء أو شرط كالقيام أو نحوه في صلاة الظهر ـ مثلا ـ وتركه في صلاة المغرب فالأمر كما تقدم ، بمعنى ان وظيفته الفعلية تقتضي الإتيان بصلاة الظهر قائماً ، ولا يجوز له ترك القيام فيها بحفظ القدرة عليه لصلاة المغرب ، بل في الحقيقة لا مزاحمة في