وما شاكلها ، كما نقدم هناك.
فالنتيجة على ضوء هذه النواحي الثلاث هي ان في صورة كون التكليفين المتزاحمين متساويين لا مناص من القول بالتخيير ـ مطلقاً ـ من دون فرق بين ان يكونا عرضيين أو طوليين.
والسر في ذلك ما عرفت من ان القول بالتخيير ـ هنا ـ عقلا يرتكز على القول بالترتب. وقد ذكرنا انه لا فرق فيه بين أن يكون من طرف واحد ، كما إذا كان أحدهما أهم من الآخر ، وان يكون من طرفين ، كما إذا كانا متساويين. وقد سبق ان معنى الترتب ـ عند التحليل ـ عبارة عن تقييد إطلاق التكليف بأحدهما بترك امتثال التكليف بالآخر ، وعدم الإتيان بمتعلقه خارجاً في فرص كون أحدهما أهم من الآخر ، وتقييد إطلاق التكليف بكل منهما بترك امتثال الآخر وعدم الإتيان بمتعلقه في فرض كونهما متساويين. ومن المعلوم ان هذا التقييد والاشتراط ليس ناشئاً فعلا بحكم الشرع أو العقل ، بل هو نتيجة اشتراط التكاليف من الأول بالقدرة. ومن هنا قلنا ان هذا التخيير ليس معناه تبديل الوجوب التعييني بالتخييري بل كل منهما باق على وجوبه التعييني ، غاية الأمر نرفع اليد عن إطلاق وجوب كل منهما بتقييده بعدم الإتيان بمتعلق الآخر ، بل معناه اختيار المكلف في إعمال قدرته في امتثال هذا أو ذاك باعتبار ان القدرة الواحدة لا تفي بامتثال كليهما معاً ، ولا يفرق في ذلك بين كونهما عرضيين أو طوليين ، غاية الأمر على الثاني لا بد من الالتزام بجواز الشرط المتأخر ، حيث ان شرطية عدم الإتيان بالواجب المتأخر ـ في في ظرفه لفعلية وجوب المتقدم ـ لا تعقل إلا على هذا القول ، ولكن قد تقدم ان الصحيح هو جوازه ، وانه لا مانع منه أصلا ، بل لا مناص من الالتزام به في بعض الموارد ، كما مر بشكل واضح. وعليه فلا فرق بين كونهما عرضيين أو طوليين ، فعلى كلا التقديرين لا بد من الالتزام بالترتب ، وبثبوت كلا التكليفين على شكل اشتراط ثبوت كل منهما بعدم الإتيان بمتعلق الآخر في ظرفه.