بمعنى انا نعلم ان الجزء أحدهما بالخصوص في الواقع ونفس الأمر لا الجامع ، ولكن دار الأمر بين كون الجزء هذا وذاك.
فعلى الأول ندفع اعتبار خصوصية هذا وخصوصية ذاك بالبراءة ، فنحكم بان الجزء هو الجامع بينهما ، فتكون النتيجة هي التخيير شرعاً يعنى ان الشارع في هذا الحال جعل أحدهما جزء مع إلغاء خصوصية كل منهما.
وعلى الثاني فمقتضى القاعدة هو الاحتياط للعلم الإجمالي بجزئية أحدهما بخصوصه في الواقع ، وأصالة عدم جزئية هذا معارضة بأصالة عدم جزئية ذاك ، فيتساقطان ، فاذن يكون العلم الإجمالي موجباً للاحتياط على تقدير إمكانه ، وإلا فالوظيفة هي التخيير بين إتيان هذا أو ذاك.
واما القسم الثالث وهو ما إذا كانت دلالة أحدهما على ذلك بالإطلاق والآخر بالعموم فيقدم ما كانت دلالته بالعموم على ما كانت دلالته بالإطلاق. وذلك لأن دلالة العام تنجيزية ، فلا تتوقف على اية مقدمة خارجية ، ودلالة المطلق تعليقية ، فتتوقف على تمامية مقدمات الحكمة ، منها عدم البيان له. ومن الواضح جداً أن العام يصلح ان يكون بياناً للمطلق ، ومعه لا تتم مقدمات الحكمة ، ليؤخذ بإطلاقه.
وعلى الجملة فقد ذكرنا أن مسألة دوران الأمر بين العام والمطلق خارجة عن كبرى مسألة التعارض ، لعدم التنافي بين مدلوليهما في مقام الإثبات على الفرض ، ضرورة ان العرف لا يرى التنافي بينهما أصلا ، ويرى العام صالحاً للقرينية على تقييد المطلق ، ولا يفرق في ذلك بين كون العام متصلا بالكلام أو منفصلا عنه ، غاية الأمر انه على الأول مانع عن ظهور المطلق في الإطلاق ، وعلى الثاني مانع عن حجية ظهوره.
واما القسم الرابع وهو ما إذا كانت دلالة كل منهما بالعموم ، فلا بد فيه من الرجوع إلى المرجحات السندية من موافقة الكتاب ومخالفة العامة على ما ذكرنا من انحصار الترجيح بهما ، لوقوع المعارضة بينهما ، فلا يمكن الجمع الدلالي بتقديم أحدهما