لا يقال : « اغسل ما حوله » في آخر الحسنة ـ كما في أكثر النسخ ـ أمر مفيد للوجوب فيعيّنه ويعارض مشروعية التيمم.
لأنّا نقول : إنّ السؤال إنّما وقع في غسله ، حيث قال : كيف يصنع به في غسله؟ فلا يفيد إلاّ وجوب غسل ما حولها إذا غسل لا مطلقا.
والحاصل : أنّ ها هنا أمورا ثلاثة كلّها واردة على المورد من دون مدافعة بعضها لبعض : أصالة جواز العصب والوضع الموجب للمسح على الجبيرة بضميمة الحسنة ، ومجوّزات التيمّم ، ومطلقات غسل ما حول الموضع ، فيجوز العمل بكلّ منها فيه وهو معنى التخيير.
هذا إذا كان عدم إمكان غسل الموضع لإيذاء الماء ، وإلاّ كما إذا لم يحتبس الدم ففي شمول الحسنة له محل كلام ، فينحصر الأمر بين التيمّم وغسل ما حوله ، إلاّ إذا قلنا بعدم اشتراط طهارة محل الوضوء فيتوضّأ إن أمكن.
لا يقال : القول بالتخيير وإن كان موجودا ، ولكنه إمّا في المجبور مطلقا بين التيمّم والجبيرة ، أو بينه وبين غسل ما حولها ، أو في المجرد بين الأوّلين ، كما هو محتمل كلام المبسوط في مبحثي الوضوء والتيمم (١) ، أو فيه بين الأخيرين ، فالقول بالتخيير بين الثلاثة خرق للإجماع.
لأنّا نقول : دعوى الإجماع في مثل المقام شطط من الكلام وجزاف تام ، فإنّ في كلام كثير منهم في المسألة إجمالا لا يحصل منه تمام المرام.
ودعوى أنّ التيمّم إنّما هو مع العجز عن المائية مطلقا دعوى بلا بيّنة ، وللمطلقات السالفة مخالفة ، بل نقول : إنّه يشرع معه ، وقد يشرع أيضا مع العجز عن إكمال المائية ، كما قد لا يشرع معه أيضا كما في المسح على الخفين ، أو بالبلّة الجديدة ، أو في المواضع المقطوعة.
__________________
(١) المبسوط ١ : ٣٥.