وفيه أن دعوى ظهور الأدلة في الانصراف على الوجه المزبور محل نظر أو منع ، إنما المسلم منها بالنسبة إلى حكم الربا ، بمعنى أنه لا يتحقق ويكون كما لو خصت الزيادة أو الجنس المخالف في عدم جريان الربا ، لا ان المراد جريان سائر الأحكام على ذلك ، حتى لو كانا مثلا لمالكين اختص كل واحد منهما بما يخالفه ، وإن لم يكن مقابلا لما له وكذا بالنسبة إلى حكم الصرف فلو بيع مثلا فضة ونحاسا بفضة ونحاس لم يجب التقابض في المجلس للانصراف المزبور إلى غير ذلك من الاحكام التي يصعب التزامها مع عدم ظهور الأدلة فيها ، بل في نصوص (١) الصرف الآتية ما يشهد بخلافها ، مضافا إلى مخالفتها القواعد المحكمة ، خصوصا الالتزام بثمن لم يكن مقصودا أنها ثمن على كل حال ، بل لعل المقصود خلافه ، بل ظاهر النصوص السابقة (٢) كبعض العبارات أن الضميمة على الوجه المزبور من الجانبين أو من جانب واحد ؛ من الحيل الشرعية للتخلص من الربا ، جارية على مقتضى الضوابط ليس فيها أثر للتعبد أصلا ، وإنما نبه الشارع عليها تنبيها ، وإلا فمبناها أنه بذلك يخرج عن صدق بيع المتجانسين متفاضلا ، وذلك لأن أجزاء الثمن مقابلة بأجزاء المثمن على الإشاعة ، فلا تفاضل حينئذ في الجنس الواحد في عقد البيع ، لانضمام جنس آخر معه ، فقول الأصحاب بانصراف كل جنس إلى مخالفه أو الزيادة إليه ، يراد به ما ذكرنا ، لا أن ذلك حكم شرعي تعبدي ، إذ عليه لا تكون حيلة كما هو واضح ، فلا ريب حينئذ في بطلان القول بالصحة في الفرض على هذا الوجه.
ومن هنا احتمل غير واحد البطلان في مفروض المسألة ، إذا حصل الربا بعد إسقاط ما يقابل التلف بالنسبة ، كما لو باع مد أو درهما بمدين ودرهمين مثلا ، وتلف الدرهم لمفروض أنه نصف المبيع ، لكون قيمة المد درهما بطل البيع في نصف الثمن ، ويبقى لنصف الآخر ، وحيث كان منزلا على الإشاعة ، كان النصف في كل من الجنسين ، فيكون نصف المدين ونصف الدرهمين في مقابل المد ، فيلزم الزيادة الموجبة للبطلان ، بل
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب الربا الصرف.
(٢) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب الربا الصرف.