الجهالة عليها ومثلها لا ينبغي اختلاف البلدان ، بل لا بد من الحكم بفساد فعل فاقدة التقدير ، ومنها لا يعتبر فيها ذلك ، فيجوز بيعها مقدرة وبلا تقدير واختلاف البلدان في هذه بان كان التعارف في بعضها التقدير وفي الأخر العدم ، غير قادح في عدم الربا فيها ، لعدم اشتراط صحة بيعها بالتقدير ، فيجوز بيعها بدونه في بلاد التقدير ، فلم يتحقق شرط الربا ، ودعوى إمكان توقف رفع الجهالة على التقدير في بلاد دون اخرى ، يمكن منعها حينئذ فمفروض المسألة حينئذ لا بد وأن يكون من الثاني ، حملا لأفعال المسلمين على الصحة ، فلا يجرى فيه الربا ، بل احتمال ذلك فيه كاف في رفع الحرمة ولكن قد يدفع ذلك كله وغيره بالإجماع المركب إن لم يكن البسيط ، إذ الأقوال في المسألة ثلاثة أشهرها ما عرفت.
وقيل والقائل الشيخ في النهاية وسلار فيما حكى عنه يغلب جانب التقدير ويثبت التحريم حينئذ عموما من غير فرق بين بلد الكيل والوزن والجزاف ، وعن فخر المحققين أنه قواه ، ولعله لصدق التقدير ، وإن كان يعارضه صدق عدمه ، وكما أن الأول مناط الربا ، كذلك الثاني مناط عدمه ، وأصالة الجواز المستفادة من إطلاق الأدلة وعمومها تقتضي الجواز ، ولا يعارضها إطلاق حرمة الربا بعد تقييده باشتراط الوزن والكيل.
وقيل والقائل المفيد : إن تساوت الأحوال فيه غلب جانب التقدير ، والأرجح الأغلب ، ولعل المشكوك عنده من المتساوي ترجيحا له بغلبته على غيره ، بخلاف الأول الموافق جريان الربا فيه للاحتياط ، ول قوله عليهالسلام (١) « ما اجتمع الحرام والحلال إلا وغلب الحرام ، الحلال » لكن لا يخفى عليك عدم وجوب مراعاة الأول عندنا ، وعدم تناول الثاني لما نحن فيه.
نعم يؤيد القولين معا ما ذكرناه من أنهما موافقان لعمومية الحكم وأن الشيء إما ربوي أو لا ، لا أنه ربوي في مكان دون آخر ، بل قد يظهر من بعضهم أنه كذلك في الزمان أيضا ، لكن ومع ذلك فالوقوف على المشهور أولي ، وإن كان الاحتياط
__________________
(١) البحار ج ٢ ص ٢٧٢ الطبع الحديث.