الحقيقة ، بل نشأت عن أسباب الإكراه التي هي مستندة إلى غيره ، فلم تدخل هذه الحالة أيضا في اليمين. والقصد باليمين : البعث على الإقدام أو المنع منه ، والبعث إنما يقع في الأفعال الاختيارية ، لامتناع بعث المرء نفسه على ما يعجز عنه ، كالصعود إلى السماء. ولقوله عليهالسلام : (لا طلاق في إغلاق) (١) (٢) فيحمل غيره عليه (٣). وهذا إلزام.
فرع :
إذا قلنا بعدم الحنث هنا ، هل تنحل اليمين ، أم لا؟
يظهر من كلام الأصحاب انحلالها ، فلو خالف مقتضاها بعد ذلك لم يحنث ، لأن المخالفة قد حصلت ، والمخالفة لا تتكرر.
ويحتمل أن تبقى اليمين (٤) ، لأن الإكراه والنسيان لم يدخلا تحتها ، لما قلناه ، فالواقع بعد ذلك هو الّذي تعلقت به اليمين.
__________________
(١) الإغلاق : الإكراه ، لأن المكره مغلق عليه في أمره ، ومضيق عليه في تصرفه ، كما يغلّق الباب على الإنسان. انظر : الطريحي ـ مجمع البحرين : ٥ ـ ٢٢٣ ، مادة (غلق).
(٢) انظر : القرافي ـ الفروق : ٣ ـ ٨٤. ورواه السيوطي بلفظ : (لإطلاق ولا عتاق في إغلاق). الجامع الصغير بشرح المناوي : ٢ ـ ٣٦٤.
(٣) انظر هذه القاعدة في ـ الفروق : ٣ ـ ٨٢ ـ ٨٤.
(٤) وهو رأي لابن أبي زيد المالكي والقرافي. انظر : الفروق : ٣ ـ ٨٤.