لأن وجود المقتضي مع وجود المانع لا أثر له ، وخصوصا إذا كان ذلك الدليل قاصرا في كيفية الدلالة عن المعارض ، فلا يجوز أن يجعل مدلول ما عارضه مدلولا له ، وإلا لكان قد أقيم منافي الشيء مقام ذلك الشيء ، وهو غير جائز.
ومن هذا يظهر أنه لا يمكن الاستدلال بقوله تعالى (وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (١) على وجوب التسليم على النبي صلىاللهعليهوآله في الصلاة ، لأن الإجماع واقع على خلاف الدليل ، إذ الإجماع حاصل على استحبابه فيها ، وتكرره ، وفوريته. والآية لو سلم كونها في التسليم عليه صلىاللهعليهوآله لم تدل على التكرار ، ولا على الفورية. ولا على كونه في الصلاة ، فكيف يجوز أن يجعل ما أجمع على منافاته للدليل موردا له؟؟
قاعدة ـ ٢٩٢
إذا تعارض العام والخاصّ بني العام على الخاصّ.
ومن صوره : استحباب الجهر في القنوت ، لأن قول الصادق عليهالسلام (٢) : (القنوت كله جهار) خاص. وقول النبي صلىاللهعليهوآله : (صلاة النهار عجماء) (٣) عام. وكذا قول الصادق
__________________
(١) الأحزاب : ٥٦.
(٢) هذا القول مروي عن الباقر عليهالسلام ، رواه عنه زرارة تارة ، وحريز السجستاني أخرى. انظر : الصدوق ـ من لا يحضره الفقيه : ١ ـ ٢٠٩ ، وابن إدريس ـ السرائر ـ المستطرفات ، كتاب حريز بن عبد الله السجستاني.
(٣) انظر : العلامة الحلي ـ تذكرة الفقهاء : ١ ـ ١١٧.