من المتكلمين ، وخصوصا الأصحاب (١) ، وجعلوا هذا من قبيل الدعاء بما هو واقع ، امتثالا لأمر الله تعالى (٢) ، وإلا فالنبي صلىاللهعليهوآله قد أعطاه الله من الفضل ، والجزاء ، والتفضل ، ما لا تؤثر فيه صلاة مصل ، وجدت أو عدمت. وفائدة هذا الامتثال إنما تعود إلى المكلف (٣) ، فيستفيد به ثوابا ، كما جاء في الحديث : (من صلى عليّ واحدة صلى الله عليه بها عشرا) (٤).
فحينئذ يظهر ضعف الجواب الأول من طلب المنافع في المستقبل ، فان هذا كله في قوة الإخبار عن عطاء الله تعالى. وحينئذ يكون جواب التشبيه للأصل بالأصل سديدا ، ويلزمه المساواة في الصلاتين ، ولكن تلك أمور موهبية ، فجاز تساويهما فيها ، وإن تفاوتا في الأمور الكسبية المقتضية للزيادة ، فإن الجزاء على الأعمال هو الّذي يتفاضل به العمال ، لا المواهب التي يجوز نسبتها إلى كل واحد تفضلا ، خصوصا على قواعد العدلية.
وهب أن الجزاء كله تفضل ، (كما يقوله) (٥) الأشعرية (٦) ، إلا أن الصلاة هنا موهبة محضة ، ليست باعتبار الجزاء ، فالذي يسمى
__________________
(١) انظر : الشيخ المفيد ـ أجوبة المسائل الحاجبية : ٤. (مخطوط بمكتبة السيد الحكيم العامة بالنجف ، ضمن مجموع برقم : ٤٣٦).
(٢) وهو قوله تعالى في سورة الأحزاب : ٥٦ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً).
(٣) في (ح) : المصلي.
(٤) انظر : المتقي الهندي ـ كنز العمال : ١ ـ ١٢٦ ، حديث : ٢٢١٢.
(٥) في (ح) و (أ) : في قول.
(٦) انظر : الجويني ـ الإرشاد : ٣٨١.