على حملة العرش ، تفضيلا لهم على سائر الملائكة».
وقيل : خلق الله العرش من جوهرة خضراء ، وبين القائمتين من قوائمه خفقان الطير المسرع ثمانين ألف عام.
وقيل : حول العرش سبعون ألف صنف من الملائكة ، يطوفون به مهلّلين مكبّرين. ومن ورائهم سبعون ألف صفّ قيام ، قد وضعوا أيديهم على عواتقهم ، رافعين أصواتهم بالتهليل والتكبير. ومن ورائهم مائة ألف صفّ قد وضعوا الأيمان على الشمائل ، ما منهم أحد إلّا وهو يسبّح بما لا يسبّح به الآخر.
وعن مجاهد : بين الملائكة وبين العرش سبعون حجابا من نور.
(يُسَبِّحُونَ) ينزّهونه عمّا يصفه به هؤلاء المجادلون ، ملتبسين (بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) أي : يذكرون الله بمجامع الثناء ، من صفات الجلال والإكرام. وجعل التسبيح أصلا والتحميد حالا ، لأنّ الحمد مقتضى حالهم ، لإيجاد الله إيّاهم ، وتوفيقهم في العبادة ، دون التسبيح.
(وَيُؤْمِنُونَ بِهِ) أخبر عنهم بالإيمان لإظهار شرفه وفضله والترغيب فيه ، كما وصف الأنبياء في مواضع من كتابه بالصلاح ، لإظهار شرفه. ولمّا وصفوا به على سبيل الثناء عليهم ، علم أنّ إيمانهم وإيمان من في الأرض وكلّ من غاب عن ذلك المقام سواء ، في أنّ إيمان الجميع بطريق النظر والاستدلال لا غير. وأنّه لا طريق إلى معرفته إلّا هذا. وأنّه منزّه عن صفات الأجسام والأجرام.
وزعم الزمخشري (١) والعلّامة الرازي (٢) أنّ في الآية ردّا على المجسّمة ، كما أورده النيشابوري في تفسيره قائلا : «قال في الكشّاف : فيه تكذيب المجسّمة ، فإنّ الأمر لو كان كما زعموا لكان الملائكة يشاهدونه ، فلا يوصفون بالإيمان ، لأنّه لا
__________________
(١) الكشّاف ٤ : ١٥٢.
(٢) التفسير الكبير ٢٧ : ٣٢ ـ ٣٣.