قوله تعالى : (وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) (١). وكذا عن ابن عبّاس وأئمّة التفسير.
وعن السدّي : أنّ المراد بالإماتتين : الّتي بعد حياة الدنيا ، والّتي بعد حياة القبر. ولزمه إثبات ثلاث إحياءات : إحياءة في ظهر الأرض ، وإحياءة في القبر للسؤال ، وإحياءة للحشر. وهو خلاف ما في القرآن ، إلّا أن يتمحّل فيجعل حياة القبر غير معتدّ بها ، لقلّة زمانها.
ومقصودهم من هذا القول اعترافهم بعد المعاينة بما غفلوا عنه ولم يكترثوا به ، ولذلك تسبّبوا بقولهم : (فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا) فإنّ اقترافهم لها من اغترارهم بالدنيا وإنكارهم البعث. وتبع ذلك من الذنوب ما لا يحصى ، لأنّ من لم يخش العاقبة توسّع في المعاصي. فلمّا رأوا الإماتة والإحياء تكرّرا عليهم ، علموا بأن الله قادر على الإعادة قدرته على الإنشاء ، فاعترفوا بذنوبهم الّتي اقترفوها من إنكار البعث وما تبعه من معاصيهم.
(فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ) نوع خروج سريع أو بطيء من النار (مِنْ سَبِيلٍ) طريق فنسلكه. وذلك إنّما يقولونه من فرط قنوطهم تعلّلا وتحيّرا. ولذلك أجيبوا بقوله : (ذلِكُمْ) الّذي أنتم فيه من أنّه لا سبيل لكم إلى خروج من سبيل (بِأَنَّهُ) بسبب أنّه (إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ) متّحدا. أو توحّد وحده ، فحذف الفعل وأقيم مقامه في الحاليّة. (كَفَرْتُمْ) بالتوحيد (وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا) بالإشراك (فَالْحُكْمُ لِلَّهِ) المستحقّ للعبادة ، حيث حكم عليكم بالعذاب السرمد (الْعَلِيِ) القادر على كلّ شيء ، ليس فوقه من هو أقدر منه ، أو من يساويه في مقدوره. ونقلت هذه اللفظة من علوّ المكان إلى علوّ الشأن ، ولذلك جاز وصفه سبحانه بذلك ، كما يقال : استعلى فلان عليه بالقوّة وبالحجّة. (الْكَبِيرِ)
__________________
(١) البقرة : ٢٨.