يتنادى أصحاب الجنّة وأصحاب النار ، كما حكى في الأعراف في قوله : (وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ) (١) (وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ) (٢).
(يَوْمَ تُوَلُّونَ) عن الموقف (مُدْبِرِينَ) منصرفين عنه إلى النار. وقيل : فارّين عنها. (ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ) يعصمكم من عذابه (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ) خذلانا وتخلية ، لفرط عناده. أو عن طريق الجنّة. (فَما لَهُ مِنْ هادٍ) يهديه.
(وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ) بن يعقوب ، على أنّ فرعونه فرعون موسى ، أو على نسبة أحوال الآباء إلى الأولاد. أو سبطه يوسف بن إبراهيم بن يوسف بن يعقوب.
أقام فيهم نبيّا عشرين سنة. (مِنْ قَبْلُ) من قبل موسى (بِالْبَيِّناتِ) بالمعجزات ، فشككتم فيها (فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍ) فلم تزالوا شاكّين كافرين (مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ) من الدين (حَتَّى إِذا هَلَكَ) مات (قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً) ضمّا إلى تكذيب رسالته تكذيب رسالة من بعده. أو جزما بأن لا يبعث من بعده رسول مع الشكّ في رسالته ، حكما من عند أنفسكم من غير برهان منكم على تكذيب الرسل.
(كَذلِكَ) مثل ذلك الضلال ، أي : الخذلان (يُضِلُّ اللهُ) يخذل الله في العصيان لفرط العناد (مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ) مفرط فيه (مُرْتابٌ) شاكّ فيما تشهد به البيّنات ، لغلبة الوهم والانهماك في التقليد.
(الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ) بدل من الموصول الأوّل ، لأنّه بمعنى الجمع ، فكأنّه قال : كلّ مسرف (بِغَيْرِ سُلْطانٍ) بغير حجّة ، بل إمّا بتقليد أو بشبهة داحضة (أَتاهُمْ كَبُرَ) فيه ضمير «من». وإفراده للفظ ، كما جمع البدل منه للمعنى. وليس ببدع أن يحمل على اللفظ تارة ، وعلى المعنى اخرى. (مَقْتاً) تمييز (عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا) ويجوز أن يكون مبتدأ خبره «كبر» على حذف مضاف ، أي : وجدال الّذين يجادلون كبر مقتا. أو خبره «بغير سلطان» وفاعل «كبر» (كَذلِكَ)
__________________
(١) الأعراف : ٤٤ و٥٠.
(٢) الأعراف : ٤٤ و٥٠.