وحلّ ونزل (بِهِمْ ما كانُوا بِهِ) جزاء ما كانوا به (يَسْتَهْزِؤُنَ).
وقيل : الفرح أيضا للرسل ، فإنّهم لمّا رأوا تمادي جهل الكفّار وسوء عاقبتهم ، فرحوا بما أوتوا من العلم ، وشكروا الله عليه ، وحاق بالكافرين جزاء جهلهم واستهزائهم.
(فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) شدّة عذابنا. ومنه قوله تعالى : (بِعَذابٍ بَئِيسٍ) (١). (قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ) يعنون أصنامهم.
(فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) لامتناع قبوله حينئذ ، لأنّ فعل الملجأ لا يقبل ، ولا يستحقّ به المدح. ولذلك قال : (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ) بمعنى : لم يصحّ ولم يستقم. ولم يقل : فلم ينفعهم إيمانهم.
وترادف هذه الفاءات ، أمّا في قوله : (فَما أَغْنى عَنْهُمْ) فلأنّه نتيجة قوله : (كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ). وأمّا في قوله : (فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) فجار مجرى البيان والتفسير لقوله : (فَما أَغْنى عَنْهُمْ). كقولك : رزق زيد المال ، فمنع المعروف ، فلم يحسن إلى الفقراء. وقوله (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) تابع لقوله (فَلَمَّا جاءَتْهُمْ). كأنّه قال : فكفروا ، فلمّا رأوا بأسنا آمنوا. وكذلك : (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ) تابع لإيمانهم لمّا رأوا بأس الله.
(سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ) أي : سنّ الله ذلك سنّة ماضية في العباد. والمراد الطريقة المستمرّة من فعله بأعدائه الجاحدين. وهي من المصادر المؤكّدة. (وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ) أي : وقت رؤيتهم البأس. اسم مكان استعير للزمان.
__________________
(١) الأعراف : ١٦٥.