أي : إيحاء مثل إيحاء هذه السورة يوحى إليك.
و «الله» مرفوع بما دلّ عليه «يوحى». كأنّ قائلا قال : من الموحي؟ فقيل : الله. كقراءة السلمي (وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ) (١) ، على البناء للمفعول ورفع «شركاؤهم» ، على معنى : زيّنه لهم شركاؤهم.
و «العزيز الحكيم» صفتان له ، مقرّرتان لعلوّ شأن الموحى به ، أي : القرآن نزل من القادر الّذي لا يغالب ، المحكم لأفعاله ، كما مرّ في السورة السابقة.
أو بالابتداء (٢) ، كما مرّ في قراءة «نوحي» بالنون. و «العزيز» وما بعده أخبار.
أو «العزيز الحكيم» صفتان له ، وقوله : (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) خبران له. وعلى الوجوه الأخر استئناف مقرّر لعزّته وحكمته.
(تَكادُ السَّماواتُ) وقرأ نافع والكسائي بالياء (يَتَفَطَّرْنَ) أي : يتشقّقن من علوّ شأن الله وعظمته. ويدلّ عليه مجيئه بعد قوله : (الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ). وقيل : من دعائهم له ولدا ، كقوله : (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ) (٣).
وقرأ البصريّان وأبو بكر : ينفطرن. والأوّل أبلغ ، لأنّه مطاوع : فطّر.
(مِنْ فَوْقِهِنَ) أي : يبتدئ الانفطار من جهتهنّ الفوقانيّة. وتخصيصها على الأوّل ، لأنّ أعظم الآيات وأدلّها على علوّ شأنه من فوق السماوات ، وهي العرش والكرسي وصفوف الملائكة القائلين بالتسبيح والتقديس حول العرش ، وما لا يعلم كنهه إلّا الله تعالى من آثار ملكوته العظمى. وعلى الثاني ، ليدلّ على الانفطار من تحتهنّ بالطريق الأولى. وقيل : الضمير للأرض.
(وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ) بالسعي فيما
__________________
(١) الأنعام : ١٣٧.
(٢) عطف على قوله : بما دلّ عليه ، قبل خمسة أسطر.
(٣) مريم : ٩٠.