وَالرَّسُولِ) (١).
وقيل : وما وقع بينكم الخلاف فيه من العلوم الّتي لا تتّصل بتكليفكم ، ولا طريق لكم إلى علمه ، فقولوا : الله أعلم ، كمعرفة الروح. قال الله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) (٢).
(ذلِكُمُ) الحاكم بينكم (اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) في ردّ كيد أعداء الدين ، وفي سائر مجامع الأمور (وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) أرجع في كفاية شرّهم ، وغيرها من المعضلات.
(فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) خبر آخر لـ «ذلكم». أو مبتدأ خبره (جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) من جنسكم (أَزْواجاً) نساء لتسكنوا إليها (وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً) أي : خلق للأنعام من جنسها أزواجا. أو خلق لكم من الأنعام أصنافا ، أو ذكورا وإناثا. (يَذْرَؤُكُمْ) يكثّركم. يقال : ذرأ الله الخلق : بثّهم وكثّرهم. من الذرء ، وهو البثّ. وفي معناه : الذرو والذرّ. والضمير راجع إلى المخاطبين والأنعام ، مغلّبا فيه المخاطبون العقلاء على الغيب ممّا لا يعقل. (فِيهِ) في جعل الناس والأنعام أزواجا ليكون بينهم توالد. وإيثار «فيه» على : به ، لإفادة أنّ هذا التدبير كالمنبع والمعدن للبثّ والتكثير.
(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) أي : شيء يزاوجه ويناسبه. والمراد من مثله ذاته ، كما في قولهم : مثلك لا يبخل ، فنفوا البخل عن مثله ، وهم يريدون نفيه عن ذاته على قصد المبالغة في نفيه ، فسلكوا به طريق الكناية ، لأنّهم إذا نفوه عمّن يناسبه ويسدّ مسدّه ، ويكون على أخصّ أوصافه ، فقد نفوه عنه بطريق أولى.
فإذا علم أنّه من باب الكناية لم يقع فرق بين قوله : ليس كالله شيء ، وبين
__________________
(١) النساء : ٥٩.
(٢) الإسراء : ٨٥.