النقباء عليه ، حتّى اجتمعوا في دار أبي أيّوب على الإيمان به والنصرة له.
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «ما من رجل يشاور أحدا إلّا هدي إلى الرشاد».
(وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) في سبيل الخير.
(وَالَّذِينَ) وللّذين (إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ) ممّن بغى عليهم ، على ما جعله الله لهم من القوّة والتسلّط ، كراهة التذلّل. وهو وصفهم بالشجاعة بعد وصفهم بسائر أمّهات الفضائل. كما نقل عن النخعي أنّه كان إذا قرأها قال : كانوا يكرهون أن يذلّوا أنفسهم ، فيجترئ عليهم الفسّاق. والمعنى : أنّه يجب إذا قوبلت الإساءة أن تقابل بمثلها من غير زيادة ، فإذا قال : أخزاك الله ، قال : أخزاك الله ، من غير أن يعتدي. وهو لا يخالف وصفهم بالغفران ، فإنّه ينبئ عن عجز المغفور ، والانتصار عن مقاومة الخصم. والحلم عن العاجز محمود ، وعن المتغلّب مذموم ، لأنّه إجراء وإغراء على البغي.
ثمّ عقّب وصفهم بالانتصار بقوله : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) للمنع عن التعدّي. وسمّي الثانية سيّئة للازدواج ، أو لأنّها تسوء من تنزل به. (فَمَنْ عَفا) عمّاله المؤاخذة به (وَأَصْلَحَ) بينه وبين عدوّه (فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) عدة مبهمة تدلّ على عظم الموعود (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) المبتدئين بالسيّئة ، والمتجاوزين في الانتقام.
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إذا كان يوم القيامة نادى مناد : من كان له على الله أجر فليقم. قال : فيقوم خلق ، فيقال لهم : ما أجركم على الله؟ فيقولون : نحن الذين عفونا عمّن ظلمنا. فيقال لهم : ادخلوا الجنّة بإذن الله».
(وَلَمَنِ انْتَصَرَ) لنفسه وانتصف (بَعْدَ ظُلْمِهِ) أي : بعد ما ظلم ، فإنّه من إضافة المصدر إلى المفعول (فَأُولئِكَ) إشارة إلى معنى «من» دون لفظه (ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) بالمعاتبة والمعاقبة.