سببا للعذاب (إِلَّا الْمُتَّقِينَ) إلّا خلّة المتصادقين في الله ، فإنّها لمّا كانت في الله تبقى نافعة أبد الآباد ، بل تصير زائدة إذا رأوا ثواب التحابّ في الله والتباغض في الله.
وقيل : «إلّا المتّقين» إلّا المجتنبين أخلّاء السوء. وقيل نزلت : في أبيّ بن خلف وعقبة بن أبي معيط.
ثمّ حكى عمّا ينادى به المتّقون المتحابّون في الله يومئذ بقوله : (يا عِبادِ) أي : يقال لهم : يا عبادي (لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) من فوات الثواب. وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي وحفص بحذف الياء من : عباد.
ثمّ وصف المنادون بقوله : (الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا) صدّقوا بدلائلنا وحججنا واتّبعوها. وهو منصوب المحلّ ، لأنّه صفة منادى مضاف. (وَكانُوا مُسْلِمِينَ) حال من الواو ، أي : الّذين آمنوا مخلصين وجوههم لنا ، جاعلين أنفسهم سالمة لطاعتنا. غير أنّ هذه العبارة آكد وأبلغ.
قيل : إذا بعث الله الناس فزع كلّ أحد ، فينادي مناد : يا عبادي ، فيرجوها الناس كلّهم. ثمّ يتبعها : الّذين آمنوا ، فييأس الناس منها غير المسلمين.
(ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ) نساؤكم المؤمنات (تُحْبَرُونَ) تسرّون سرورا بحيث يظهر حباره ـ أي : أثره ـ على وجوهكم ، كقوله : (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) (١). أو تزيّنون ، من الحبر ، وهو حسن الهيئة. قال الزجّاج : تكرمون إكراما يبالغ فيه. والحبرة المبالغة فيما وصف بجميل.
(يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ) بقصاع ـ جمع صحفة ـ مأخوذة (مِنْ ذَهَبٍ) فيها ألوان الأطعمة (وَأَكْوابٍ) كيزان لا عرى لها. جمع كوب. وهو كوز لا عروة له. (وَفِيها) وفي الجنّة (ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ) من أنواع النعم المشروبة
__________________
(١) المطفّفين : ٢٤.