(مُعْرِضُونَ) عادلون عن أن يتفكّروا فيه ، ويستعدّوا لحلوله.
(قُلْ) لهؤلاء الكفرة (أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) من الأصنام (أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ) أي : أخبروني عن حال آلهتكم بعد التأمّل فيها ، هل يعقل أن يكون لها في أنفسها مدخل في خلق شيء من أجزاء العالم ، فتستحقّ به العبادة؟ وتخصيص الشرك بالسماوات احتراز عمّا يتوهّم أنّ للوسائط شركة في إيجاد الحوادث السفليّة.
(ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا) من قبل هذا الكتاب ، يعني : القرآن ، فإنّه ناطق بالتوحيد وإبطال الشرك ، فإنّه ما من كتاب أنزل من قبله من كتب الله إلّا وهو ناطق بمثل ذلك ، فأتوا بكتاب واحد منزل من قبله شاهد بصحّة ما أنتم عليه من عبادة غير الله.
(أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ) أو بقيّة من علم بقيت عليكم من علوم الأوّلين. هل فيها ما يدلّ على استحقاقهم للعبادة؟ من قولهم : سمنت الناقة على أثارة من شحم ، أي : على بقيّة شحم كانت بها. (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في دعواكم ، أي : هاتوا إحدى هذه الحجج الثلاث. أولاها : دليل العقل. والثانية : الكتاب. والثالثة : الخبر المتواتر. فإذا لم يمكنكم شيء من ذلك فقد وضح بطلان دعواكم.
(وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ) من الجنّ والإنس والأوثان. ومعنى الاستفهام فيه : إنكار أن يكون أحد أضلّ من المشركين ، حيث تركوا عبادة السميع المجيب الخبير ، القادر على تحصيل كلّ بغية ومرام ، إلى عبادة (مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ) دعاءه ، فضلا أن يعلم سرائره ، ويراعي مصالحه (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) أي : أبدا ما دامت الدنيا (وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ) لأنّهم إمّا جمادات ، وإمّا عباد مشتغلون بأحوالهم.
(وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً) يضرّونهم ولا ينفعونهم ، كقوله تعالى :