(وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا) (١) (وَكانُوا) وكانت آلهتهم (بِعِبادَتِهِمْ) بعبادة عبدتهم (كافِرِينَ) مكذّبين بلسان الحال أو المقال. وقيل : الضمير للعابدين. وهو كقوله : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) (٢). وعلى الأوّل كنّي عن الآلهة بالواو والنون ، لأنّه أضيف إليها ما يكون للعقلاء ، كقوله : (رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) (٣).
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا) حجج وشواهد من القرآن ، وسائر المعجزات الّتي ظهرت على يد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم (بَيِّناتٍ) واضحات ، أو مبيّنات (قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِ) لأجله وفي شأنه. فاللام فيه كما في قوله : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً) (٤). والمراد بالحقّ الآيات ، وبالّذين كفروا المتلوّ عليهم. فوضع الظاهران موضع الضميرين ، للتسجيل عليها بالحقّ ، وعليهم بالكفر والانهماك في الضلالة (لَمَّا جاءَهُمْ) أي : بادروه بالجحود ساعة أتاهم وأوّل ما سمعوه ، من غير نظر وتأمّل ، عنادا ولجاجا (هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) ظاهر بطلانه.
(أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) إضراب عن ذكر تسميتهم إيّاه سحرا إلى ذكر ما هو أشنع منه ، وهو إسناد الافتراء إلى محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم. ومعنى الهمزة الإنكار والتعجيب. كأنّه قيل : دع هذا واسمع قولهم المستنكر الموجب للتعجّب. وذلك أنّ محمدا كان لا يقدر عليه حتّى يقوله ويفتريه على الله ، وذلك باطل ، لأنّه قدر عليه دون أمّة العرب ، فكانت قدرته عليه معجزة ، لخرقها العادة ، وإذا كانت معجزة كانت تصديقا من الله له ، والحكيم لا يصدّق الكاذب ، فلا يكون مفتريا.
(قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ) على الفرض (فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللهِ شَيْئاً) أي : إن
__________________
(١) مريم : ٨٢.
(٢) الأنعام : ٢٣.
(٣) يوسف : ٤.
(٤) الأحقاف : ١١.