وثمانية أيّام لهم أنين ، ثمّ كشفت الريح عنهم ، فاحتملتهم فطرحتهم في البحر.
وروي : أنّ هودا لمّا أحسّ بالريح خطّ على نفسه وعلى المؤمنين خطّا إلى جنب عين تنبع.
وعن ابن عبّاس : اعتزل هود ومن معه في حظيرة ما يصيبهم من الريح إلّا ما يلين على الجلود وتلذّه الأنفس ، وإنّها لتمرّ من عاد بالظعن بين السماء والأرض ، وتدمغهم بالحجارة.
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه كان إذا رأى الريح فزع وقال : اللهمّ إنّي أسألك خيرها وخير ما أرسلت به ، وأعوذ بك من شرّها وشرّ ما أرسلت به. وإذا رأى مخيلة (١) قام وقعد ، وجاء وذهب ، وتغيّر لونه. فيقال له : يا رسول الله ما تخاف؟ فيقول : إنّي أخاف أن يكون مثل قوم عاد حيث قالوا : (هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا).
(كَذلِكَ) مثل ما أهلكنا أهل الأحقاف ، وجازيناهم بالعذاب (نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) الكافرين الّذين يسلكون مسالكهم.
(وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ) «إن» نافية. وهي أحسن من «ما» في اللفظ ، لما في مجامعة «ما» مثلها من التكرير المستبشع ، ومثله مجتنب. ألا ترى أنّ الأصل في «مهما» : ماما ، فلبشاعة التكرير قلبوا الألف هاء. أو شرطيّة محذوفة الجواب. والتقدير : ولقد مكّنّاهم في الّذي أو في شيء إن مكّنّاكم فيه كان بغيكم أكثر.
وقيل : زائدة ، مثلها فيما أنشده الأخفش :
يرجّي المرء ما إن لا يراه |
|
وتعرض دون أدناه الخطوب |
والمعنى : مكّنّاهم من الطاعات ، وجعلناهم قادرين متمكّنين بنصب الأدلّة على التوحيد ، والتمكين من النظر فيها ، والترغيب والترهيب ، وإزاحة العلل في
__________________
(١) المخيلة : السحابة الّتي تحسبها ما طرة.