(وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ) لم يصر قارصا (١) ولا حازرا ، كما يكون في ألبان الدنيا.
(وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ) لذيذة لا يكون فيها غائلة مرارة وسكر وخمار وريح وصداع. وهي تأنيث لذّ ، وهو اللذيذ. أو مصدر نعت به بإضمار ذات ، أي : ذات لذّة. أو تجوّز. والمعنى : ما هو إلّا التلذّذ الخالص ، ليس معه ذهاب عقل ولا خمار ، ولا آفة من آفات الخمار.
(وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى) لم يخالطه الشمع والرغوة ، وسائر فضلات النحل وغيرها ، كما في عسل الدنيا. والمعنى : فيها أنواع الأشربة الّتي تكون في الدنيا ، مجرّدة عمّا ينقصها وينغّصها ، موصوفة بغاية الالتذاذ. وفي الأنهار دلالة على غزارة أنواع الأشربة واستمرارها.
(وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) أي : لهم فيها صنف من الثمرات لا يعرفون اسمها ، وصنف منها يعرفون اسمها ، كلّها مبرّأة من كلّ مكروه يكون لثمرات الدنيا (وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ) عطف على الصنف المحذوف. أو مبتدأ خبره محذوف ، أي : لهم مغفرة. (كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا ماءً حَمِيماً) شديد الحرارة ، مكان تلك الأشربة (فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ) من فرط الحرارة.
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ (١٦) وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ (١٧) فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ
__________________
(١) القارص من الطعام : الحديد المنغّص والحازر : الحامض.