(طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) استئناف ، أي : أمرهم طاعة وقول معروف ، أو طاعة وقول معروف خير لهم. أو حكاية قولهم ، أي : قالوا : أمرنا طاعة وقول معروف.
وقيل : «أولى» مبتدأ ، وهذا خبره ، أي : أولى وأحرى لهم طاعة لله ورسوله وقول معروف بالإجابة ، أي : لو أطاعوا وأجابوا كانت الطاعة والإجابة أولى لهم. وهذا قول ابن عبّاس في رواية عطاء ، واختيار الكسائي.
(فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ) أي : جدّ ولزم أمر القتال. والعزم والجدّ حقيقة لأصحاب الأمر ، وإسناده إليه مجاز. ومنه قوله : (إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (١). وقولهم : إنّ الأمر معزوم لا عازم. وعامل الظرف محذوف ، وهو : اذكر. وجواب «إذا» محذوف تقديره : فإذا عزم الأمر نكلوا وكذبوا فيما وعدوا من أنفسهم. ويدلّ على حذفه قوله : (فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ) فيما زعموا من الحرص على الجهاد أو الايمان. أو فلو صدقوا في إيمانهم وواطأت قلوبهم فيه ألسنتهم (لَكانَ) الصدق (خَيْراً لَهُمْ) في دينهم ودنياهم من نفاقهم.
(فَهَلْ عَسَيْتُمْ) فهل يتوقّع منكم؟ وقرأ نافع بكسر السين. وهو غريب. (إِنْ تَوَلَّيْتُمْ) أمور الناس وتأمّرتم عليهم ، أو أعرضتم وتولّيتم عن الإسلام (أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ) تناحرا على الولاية وتجاذبا لها ، أو رجوعا إلى ما كنتم عليه في الجاهليّة من التغاور ومقاتلة الأقارب.
والمعنى : أنّهم لضعفهم في الدين وحرصهم على الدنيا ، أحقّاء بأن يتوقّع ذلك منهم من عرف حالهم في ضعف الإيمان ومرض النفاق ، ويقول لهم : هل عسيتم. فنقل الكلام من الغيبة إلى الخطاب على طريقة الالتفات ، ليكون أبلغ في التوبيخ.
وإلحاق الضمير بـ «عسى» على لغة الحجاز. وأمّا بنو تميم فلا يلحقون
__________________
(١) الشورى : ٤٣.