مقاتلتكم ، ويسبي ذراريكم». ثمّ ضرب بيده على كتف عليّ عليهالسلام. وقيل : بعثه إليهم بعد رجوع الوليد ، فوجدهم منادين بالصلوات متهجّدين ، فسلّموا إليه الصدقات ، فرجع. فنزلت :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ) بخبر. وتنكير الفاسق والنبأ للتعميم ، كأنّه قال : أيّ فاسق جاءكم بأيّ نبأ. (فَتَبَيَّنُوا) فتطلّبوا بيان الأمر وانكشاف الحقيقة ، ولا تعتمدوا قول الفاسق ، لأنّ من لا يتحامى جنس الفسوق لا يتحامى الكذب الّذي هو نوع منه. والفسوق : الخروج من الشيء والانسلاخ منه. يقال : فسقت الرطبة عن قشرها. ومن مقلوبه : قفست البيضة ، إذا كسرتها وأخرجت ما فيها. ومن مقلوبه أيضا : قفست الشيء ، إذا أخرجته عن يد مالكه مغتصبا له عليه. ثمّ استعمل في الخروج عن القصد والانسلاخ من الحقّ.
وقرأ حمزة والكسائي : فتثبّتوا ، أي : فتوقّفوا إلى أن يتبيّن لكم الحال. والتثبّت والتبيّن متقاربان. وهما : طلب الثبات والبيان والتعرّف.
ولمّا كان رسول الله والّذين معه بالمنزلة الّتي لا يجسر أحد أن يخبرهم بكذب ، وما كان يقع مثل ما فرط من الوليد إلّا في الندرة ، قيل : إن جاءكم ، بحرف الشكّ. وفيه أن على المؤمنين أن يكونوا على هذه الصفة ، لئلّا يطمع فاسق في مخاطبتهم بكلمة زور.
واستدلّ بعضهم بالآية على وجوب العمل بخبر الواحد إذا كان عدلا ، من حيث إنّ الله أوجب التوقّف في خبر الفاسق ، فدلّ على أنّ خبر العدل لا يجب التوقّف فيه.
وهذا لا يصحّ ، لأنّ دليل الخطاب لا يعوّل عليه عندنا وعند أكثر المحقّقين.
(أَنْ تُصِيبُوا) كراهة إصابتكم (قَوْماً بِجَهالَةٍ) جاهلين بحالهم (فَتُصْبِحُوا) فتصيروا (عَلى ما فَعَلْتُمْ) من إصابتهم بالخطإ (نادِمِينَ) مغتمّين