لما أمروا به أن يقولوه ، فلا يكون تكريرا من غير فائدة متجدّدة.
(وَإِنْ تُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) بالإخلاص القلبي وترك النفاق (لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ) لا ينقصكم من أجورها (شَيْئاً) من : لات ليتا إذا نقص. وقرأ البصريّان : لا يألتكم ، من الألت. وهو لغة غطفان. وفي الصحاح : «الته حقّه يألته ألتا ، أي : نقصه. وألته أيضا : حبسه عن وجهه وصرفه. مثل : لاته يليته. وهما لغتان ، حكاهما اليزيدي عن أبي عمرو بن العلاء» (١).
(إِنَّ اللهَ غَفُورٌ) لما فرط من المطيعين (رَحِيمٌ) بالتفضّل عليهم.
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا) لم يشكّوا ـ يعني : لم يقع في نفوسهم شكّ ـ فيما آمنوا به. من : ارتاب مطاوع : رابه ، إذا أوقعه في الشكّ مع التهمة. وفيه إشارة إلى ما أوجب نفي الإيمان عنهم. و «ثمّ» للإشعار بأنّ اشتراط عدم الارتياب في اعتبار الإيمان ليس حال الإيمان فقط ، بل فيه وفيما يستقبل إلى آخر العمر. فـ «ثمّ» هاهنا كما في قوله : (ثُمَّ اسْتَقامُوا) (٢).
(وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) في طاعته. والمجاهدة بالأموال والأنفس تصلح للعبادات الماليّة والبدنيّة بأسرها. فتشمل مجاهدة العدوّ والمحارب ، أو الشيطان ، أو الهوى ، وفي تحمّل أنواع الطاعات ومشاقّ صنوف العبادات.
(أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) الّذين صدقوا في قولهم : آمنّا ، ولم يكذبوا كما كذب أعراب بني أسد.
روي : أنّه لمّا نزلت الآيتان أتوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فحلفوا أنّهم مؤمنون صادقون في دعواهم الإيمان ، فأنزل الله سبحانه :
__________________
(١) الصحاح ١ : ٢٤١.
(٢) فصّلت : ٣٠.