سبق مثله في المؤمنين (١).
(أَمْ زاغَتْ) مالت (عَنْهُمُ الْأَبْصارُ) فلا نراهم. و «أم» متّصلة معادلة لـ «ما لنا لا نرى» على أنّ المراد نفي رؤيتهم لغيبتهم. كأنّهم قالوا : أَليسوا هاهنا ، أم زاغت عنهم أبصارنا. أو لـ «اتّخذناهم» (٢) على القراءة الثانية ، بمعنى : أيّ الأمرين فعلنا بهم؟
الاستسخار منهم أم تحقيرهم؟ فإنّ زيغ الأبصار كناية عنه ، على معنى إنكارهما على أنفسهم.
وعن الحسن : كلّ ذلك قد فعلوا ، اتّخذوهم سخريّا ، وزاغت عنهم أبصارهم محقّرة لهم.
أو منقطعة (٣). والمراد الدلالة على أنّ استرذالهم والاستسخار منهم كان لزيغ أبصارهم وقصور أنظارهم على رثاثة حالهم.
عن مجاهد : نزلت في أبي جهل والوليد بن المغيرة ونظرائهما ، يقولون : ما نرى عمّارا وخبابا وصهيبا وبلالا ، الّذين كنّا نعدّهم في الدنيا من جملة الّذين يفعلون الشرّ والقبيح ، ولا يفعلون الخير.
وروى العيّاشي بالإسناد عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال : «إنّ أهل النار يقولون : (ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ) يعنونكم لا يرونكم في النار ، لا يرون والله أحدا منكم في النار».
(إِنَّ ذلِكَ) الّذي حكيناه عنهم (لَحَقٌ) لا بدّ أن يتكلّموا به. ثمّ بيّن ما هو ، فقال : (تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) وهو بدل من «لحقّ». أو خبر محذوف ، أي : هو تخاصمهم. شبّه تقاولهم وما يجري بينهم من السؤال والجواب بما يجري بين
__________________
(١) المؤمنون : ١١٠.
(٢) عطف على قوله : معادلة لـ «ما لنا لا نرى» قبل سطرين ، أي : معادلة لـ «اتّخذناهم».
(٣) عطف على قوله : متّصلة معادلة ، قبل سبعة أسطر.