نطقكم. وقيل : إنّه مبنيّ على الفتح ، لإضافته إلى غير متمكّن ، وهو لفظة «ما» إن كانت بمعنى : شيء ، و «أنّ» بما في حيّزها إن جعلت زائدة ، كما نصّ الخليل عليه.
وهذا كقولك : إنّ هذا لحقّ كما أنّك ترى وتسمع. ومحلّه الرفع على أنّه صفة «لحقّ». ويؤيّده قراءة حمزة والكسائي وأبي بكر بالرفع.
وعن الأصمعي : أقبلت من جامع البصرة فطلع أعرابيّ على قعود (١) له ، فقال : من الرجل؟
قلت : من بني أصمع.
قال : من أين أقبلت؟
قلت : من موضع يتلى فيه كلام الرحمن.
قال : اتل عليّ.
فتلوت «والذاريات». فلمّا بلغت قوله : (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ) قال : حسبك.
فقام إلى ناقته فنحرها ، ووزّعها على من أقبل وأدبر ، وعمد الى سيفه وقوسه فكسرهما وولّى. فلمّا حججت مع الرشيد طفقت أطوف ، فإذا أنا بمن يهتف بي بصوت دقيق ، فالتفتّ فإذا أنا بالأعرابيّ قد نحل واصفرّ ، فسلّم عليّ واستقرأ السورة ، فلمّا بلغت الآية صاح وقال : قد وجدنا ما وعدنا ربّنا حقّا.
ثمّ قال : وهل غير هذا؟ فقرأت (فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ).
فصاح وقال : يا سبحان الله من ذا الّذي أغضب الجليل حتّى حلف ، لم يصدّقوه بقوله حتّى ألجأوه إلى اليمين. قالها ثلاثا ، وخرجت معها نفسه.
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (٢٤) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٢٥) فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ
__________________
(١) القعود : البكر من الإبل إلى أن يثني.