كالزور والصوم (١). وكانوا اثني عشر ملكا. وقيل : تسعة ، وعاشرهم جبرئيل. وقيل : ثلاثة : جبرئيل ، وميكائيل ، وملك آخر قيل : هو إسرافيل. وسمّاهم ضيفا ، لأنّهم كانوا في صورة الضيف حيث أضافهم إبراهيم ، أو لأنّهم كانوا في حسبانه كذلك.
(الْمُكْرَمِينَ) عند الله ، أو عند إبراهيم ، إذ خدمهم بنفسه وأخدمهم امرأته. أو لأنّهم في أنفسهم مكرمون. ونظيره قوله : (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) (٢).
(إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ) نصب بالحديث ، أو بما في «ضيف» من معنى الفعل ، أو بالمكرمين ، أو بإضمار : اذكر (فَقالُوا سَلاماً) أي : نسلّم عليك سلاما (قالَ سَلامٌ) أي : عليكم سلام. عدل به إلى الرفع بالابتداء لقصد الثبات ، حتّى تكون تحيّته أحسن من تحيّتهم. وهذا أيضا من إكرامه لهم. وقرأ حمزة والكسائي : قال سلم.
(قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) أي : أنتم قوم. وإنّما أنكرهم لأنّه ظنّ أنّهم بنو آدم ولم يعرفهم. أو لأنّ السلام لم يكن تحيّتهم ، فإنّه علم الإسلام. أو لأنّه رأى لهم حالا وشكلا خلاف حال الناس وشكلهم. وهو كالتعرّف عنهم ، أي : أنتم قوم منكرون ، فعرّفوني من أنتم؟
(فَراغَ إِلى أَهْلِهِ) فذهب إليهم في خفية من ضيفه ، فإنّ من أدب المضيف أن يبادر بالقرى ، حذرا من أن يكفّه الضيف أو يعذره أو يصير منتظرا (فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ) لأنّه كان عامّة ماله البقر.
(فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ) بأن وضعه بين أيديهم (قالَ أَلا تَأْكُلُونَ) أي : منه. وهو مشعر بكونه حنيذا (٣). والهمزة فيه للعرض والحثّ على الأكل على طريقة الأدب ، إن قاله المضيف أوّل ما وضعه عند الضيف ، وللإنكار إن قاله حينما رأى إعراضهم.
__________________
(١) الزور : الزائر للمفرد والمثنّى والجمع. والصوم : الصائم للمفرد والجمع.
(٢) الأنبياء : ٢٦.
(٣) أي : مشويّا. من : حنذ اللحم : شواه وأنضجه.