كما كنتم لا تبصرون في الدنيا ما يدلّ عليه؟ أم سدّت أبصاركم ، كما سدّت في الدنيا على زعمكم حين قلتم : إنّما سكّرت أبصارنا؟
(اصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا) أي : ادخلوها على أيّ وجه شئتم من الصبر وعدمه ، فإنّه لا محيص لكم عنها (سَواءٌ عَلَيْكُمْ) مبتدأ محذوف خبره ، أي : سواء عليكم الأمران الصبر وعدمه.
ثمّ علّل استواء الأمرين بقوله : (إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي : لمّا كان الجزاء واجب الوقوع كان الصبر وعدمه سيّين في عدم النفع. وتحقيق المعنى : أنّ الصبر إنّما يكون له مزيّة على الجزع لنفعه في العاقبة ، بأن يجازى عليه الصابر جزاء الخير ، فأمّا الصبر على العذاب الّذي هو الجزاء ـ ولا عاقبة له ولا منفعة ـ فلا مزيّة له على الجزع.
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (١٧) فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (١٨) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٩) مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٢٠) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ (٢١) وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢٢) يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ (٢٣) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (٢٤) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٢٥) قالُوا