ثمّ بيّن سبحانه أنّه متى يقع ، فقال : (يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً) تضطرب. من المور بمعنى التردّد في المجيء والذهاب. وقيل : هو تحرّك في تموّج. والمائر : الشيء الّذي يتردّد في العرض ، كالداغصة. وهي لحمة تكون فوق ركبة البعير.
وقيل : العظم المدوّر يتحرّك على رأس الركبة. والمعنى : يتموّج بالدوران. و «يوم» ظرف لـ «واقع». (وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً) أي : تسير عن وجه الأرض ، فتصير هباء حتّى تستوي الأرض.
(فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) ذكر الفاء لأنّ في الكلام معنى المجازاة ، والتقدير : إذا وقع ذلك فويل لهم (الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ) أي : الخوض في الباطل ، فإنّه غلب استعماله في الاندفاع في الباطل والكذب. ومنه قوله : (وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ) (١) (يَلْعَبُونَ) يلهون بذكره. وهو إنكار البعث وتكذيب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) يدفعون إليها بعنف. وذلك أنّ الخزنة يغلّون أيديهم إلى أعناقهم ، ويجمعون نواصيهم إلى أقدامهم ، فيدفعونهم إلى النار دفعا على وجوههم ، وزخّا (٢) في أقفيتهم.
و «يوم» بدل من «يوم تمور» ، أو ظرف لقول مقدّر مقوله : (هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ) أي : حين يدفعون إلى النار قال لهم خزنتها هذا القول. وفي حديث أبي موسى : من يتّبع القرآن يهبط به على رياض الجنّة ، ومن يتّبعه القرآن يزخّ في قفاه حتّى يقذف به في نار جهنّم.
ثمّ وبّخوهم لمّا عاينوا العذاب فقالوا لهم : (أَفَسِحْرٌ هذا) أي : كنتم تقولون للوحي : هذا سحر ، أَفهذا المصداق أيضا سحر؟ ودخول الفاء لإفادة هذا المعنى.
وتقديم الخبر لأنّه المقصود بالإنكار والتوبيخ. (أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ) هذا أيضا ،
__________________
(١) المدّثر : ٤٥.
(٢) زخّة : دفعه.