حتّى اتّصلت بها اتّصال النظير بالنظير ، وتوافقت الخاتمة بالفاتحة بذكر النجم ، فقال :
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالنَّجْمِ) أقسم بجنس النجوم أو الثريّا ، فإنّه غلب فيها. أو النجم الّذي يرجم به. (إِذا هَوى) غرب. أو انتثر يوم القيامة. أو انقضّ. أو طلع ، فإنّه يقال : هوى هويّا بالفتح إذا سقط وغرب ، وهويّا بالضمّ إذا علا وصعد. أو المراد بالنجم نجوم القرآن ، إذ نزل منجّما في ثلاثة وعشرين سنة. وسمّي القرآن نجما لتفريقه في النزول. والعرب تسمّي التفريق تنجيما ، والمفرّق منجّما. أو النبات ، إذا سقط على الأرض ، أو إذا نما وارتفع.
وروت العامّة عن جعفر الصادق عليهالسلام أنّه قال : محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم نزل من السماء السابعة ليلة المعراج ، ولمّا نزلت السورة أخبر بذلك عتبة بن أبي لهب ، وكانت تحته بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : لآتينّ محمّدا فلأوذينّه. فأتاه فقال : يا محمد ؛ هو كافر بالنجم إذا هوى ، وبالّذي دنا فتدلّى ، ثمّ تفل في وجه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وردّ عليه ابنته وطلّقها. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : اللهمّ سلّط عليه كلبا من كلابك. وكان أبو طالب حاضرا ، فوجم (١) لها ، وقال : ما كان أغناك يا ابن أخي عن هذه الدعوة.
فرجع عتبة إلى أبيه فأخبره ، ثمّ خرج مع نفر من قريش إلى الشام فنزلوا منزلا ، فأشرف عليهم راهب من الدير فقال لهم : إنّ هذه أرض مسبعة. فقال أبو لهب لأصحابه : أغيثونا يا معشر قريش هذه الليلة ، فإنّي أخاف على ابني دعوة محمد. فجمعوا جمالهم وأناخوها حولهم ، وأحدقوا بعتبة. فجاء الأسد يتشمّم وجوههم حتّى ضرب عتبة فقتله. فقال حسّان شعرا :
من يرجع العام إلى أهله |
|
فما أكيل السّبع بالراجع |
وجواب هذا القسم قوله : (ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ) ما عدل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم عن
__________________
(١) أي : اشتدّ حزنه.