(٥٣) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (٥٤) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (٥٥))
ثمّ بيّن سبحانه حال القيامة ، فقال : (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ) عن الحقّ في الدنيا (وَسُعُرٍ) ونيران في الآخرة.
(يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ) يجرّون عليها ، يقال لهم : (ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ) حرّ النار وألمها ، فإنّ مسّها سبب التألّم بها ، كقولك : وجد مسّ الحمى ، وذاق طعم الضرب ، إذا تأذّى وتألّم منهما. وسقر : علم لجهنّم. وعدم صرفها للعلميّة والتأنيث. وأصل السقر : التلويح ، من : سقرته النار وصقرته إذا لوّحته.
(إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) خلقنا كلّ شيء مقدّرا بمقدار على مقتضى الحكمة. أو مقدّرا مكتوبا في اللوح قبل وقوعه.
وعن الحسن : على قدر معلوم. فخلقنا اللسان للكلام ، واليد للبطش ، والرجل للمشي ، والعين للنظر ، والأذن للسماع ، والمعدة للطعام. ولو زاد أو نقص عمّا قدّرناه لما تمّ الغرض.
وقيل : معناه : جعلنا لكلّ شيء شكلا يوافقه ويصلح له ، كالمرأة للرجل ، والأتان للحمار ، وثياب الرجال للرجال ، وثياب النساء للنساء.
و «كلّ شيء» منصوب بفعل يفسّره ما بعده. واختيار النصب هاهنا مع الإضمار ، لما فيه من النصوصيّة على المقصود.
(وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ) إلّا كلمة واحدة سريعة التكوين. وهو قوله : «كن» عند إرادة إيجاد شيء بلا تأخير. (كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) في اليسر والسرعة. والمعنى : إذا أراد تكوين شيء لم يلبث كونه إلّا فعلة واحدة. وهو الإيجاد بلا معالجة