الإنصاف.
(وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ) وقوّموا وزنكم بالعدل (وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ) ولا تنقصوه ، فإنّ من حقّه أن يسوّى ، لأنّه المقصود من وضعه. وتكريره مبالغة في التوصية به ، وزيادة حثّ على استعماله.
ثمّ قابل قوله : (وَالسَّماءَ رَفَعَها) بقوله : (وَالْأَرْضَ وَضَعَها) خفضها مدحوّة على الماء (لِلْأَنامِ) للخلق. وهو كلّ ما على ظهر الأرض من دابّة. وعن الحسن : الجنّ والإنس. وقيل : الأنام كلّ ذي روح. فهي كالمهاد لهم يتصرّفون فوقها.
(فِيها فاكِهَةٌ) ضروب ممّا يتفكّه به (وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ) أوعية التمر.
جمع كمّ بكسر الكاف. أو كلّ ما يكمّ ـ أي : يغطّى ـ من لف وسعف وكفرّى (١) ، أوّل ما يبدأ من التمر ، فإنّه ينتفع به كما ينتفع بالمكموم من ثمره وجمّاره (٢) وجذوعه.
(وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ) كالحنطة والشعير وسائر ما يتغذّى به. والعصف ورق النبات اليابس ، كالتبن. (وَالرَّيْحانُ) يعني : المشموم. أو الرزق ، من قولهم : خرجت أطلب ريحان الله ، أي : رزق الله. أراد : أن فيها ما يتلذّذ به من الفواكه ، والجامع بين التلذّذ والتغذّي وهو ثمر النخل ، وما يتغذّى به وهو الحبّ.
وقرأ ابن عامر : والحبّ ذا العصف والريحان ، أي : وخلق الحبّ وخلق الريحان ، أو وأخصّ الحبّ والريحان. ويجوز أن يراد : وذا الريحان ، فحذف المضاف.
وقرأ حمزة والكسائي : والرّيحان بالخفض ، وما عدا ذلك بالرفع. وهو فيعلان من الروح ، فقلبت الواو وأدغم ثمّ حذف. وقيل : روحان ، فقلبت واوه ياء للتخفيف.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) لأنّها كلّها منعم عليكم بها. والخطاب للثقلين
__________________
(١) الكفرّى : وعاء طلع النخل.
(٢) الجمّار : شحم النخلة.