كبار الدرّ وصغاره. وقيل : المرجان الخرز الأحمر ، وهو البسّذ (١). وإن صحّ أنّ الدرّ يخرج من الملح ، فإنّما قال : «منهما» لأنّه لمّا التقيا وصارا كالشيء الواحد جاز أن يقال : يخرجان منهما ، كما يقال : يخرجان من البحر ، ولا يخرجان من جميع البحر ، ولكن من بعضه. وتقول : خرجت من البلد. وإنّما خرجت من محلّة من محالّه ، بل من دار واحدة من دوره.
وقيل : لا يخرجان إلّا من ملتقى الملح والعذب. فيكون العذب كاللقاح للملح ، ولا يخرج اللؤلؤ إلّا من الموضع الّذي يلتقي فيه الملح والعذب ، وذلك معروف عند الغوّاصين.
ومثله قوله : (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً) (٢) وإنّما هو في واحدة منهنّ. وقوله : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ) (٣). والرسل من الإنس دون الجنّ.
وعن ابن عبّاس : يخرج من ماء السماء وماء البحر ، فإنّ القطر إذا جاء من السماء تفتّحت الأصداف ، فكان من ذلك القطر اللؤلؤ.
وروي عن سلمان الفارسي وسعيد بن جبير وسفيان الثوري : أنّ «البحرين» عليّ وفاطمة. (بَيْنَهُما بَرْزَخٌ) محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم. (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) الحسن والحسين عليهماالسلام.
ولا غرو أن يكونا عليهماالسلام بحرين ، لسعة فضلهما ، وكثرة خيرهما ، فإنّ البحر إنّما يسمّى بحرا لسعته ، وقد قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لفرس ركبه وأجراه فأحمده : «وجدته بحرا» أي : كثير المعاني الحميدة.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ممّا أعطاكم من ألبسة الجواهر الحسنة
__________________
(١) البسّذ كسكّر : المرجان. معرّب. الصحاح ١ : ٣٥١.
(٢) نوح : ١٦.
(٣) الأنعام : ١٣٠.