(أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) أي : السابقون إلى أنواع الطاعات هم الّذين يقربون إلى رحمة الله في أعلى مراتب الجنّة ، وإلى جزيل ثواب الله في أعظم الكرامة.
وعن أبي جعفر عليهالسلام قال : «السابقون أربعة : ابن آدم المقتول ، وسابق في أمّة موسى ، وهو مؤمن آل فرعون ، وسابق في أمّة عيسى ، وهو حبيب النجّار ، والسابق في أمّة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم عليّ بن أبي طالب عليهالسلام».
(ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ) أي : هم كثير من الأوّلين. يعني : الأمم السابقة من لدن آدم إلى سيّدنا محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم. (وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) يعني : أمّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم. ولا يخالف ذلك قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ أمّتي يكثرون سائر الأمم».
لجواز أن يكون سابقوا سائر الأمم أكثر من سابقي هذه الأمّة ، وتابعوا هذه أكثر من تابعيهم. ولا يردّه قوله في أصحاب اليمين : (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ) (١) ، لأنّ كثرة الفريقين لا تنافي أكثريّة أحدهما.
وقيل : إنّ الأوّلين من متقدّمي هذه الأمّة ، والآخرين من متأخّريها ، لما روي مرفوعا عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الثلّتان جميعا من أمّتي».
واشتقاقها من الثلّ ، وهو القطع والكسر ، كما أنّ الأمّة من الأمّ ، وهو الشجّ ، كأنّها جماعة كسرت من الناس وقطعت منهم. فكلّ واحد من الفريقين المذكورين في الآية يقطع من الآخر.
(عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ) خبر آخر للضمير المحذوف. والموضونة : المنسوجة بالذهب مشبّكة بالدرّ والياقوت ، قد دوخل بعضها في بعض ، كما توضن حلق الدرع. من الوضن ، وهو نسج الدرع. قال المفسّرون : منسوجة بقضبان الذهب ، مشبّكة بالدرّ والجواهر. وقيل : متواصلة أدنى بعضها من بعض.
__________________
(١) الواقعة : ٣٩ ـ ٤٠.