عليه ، ويتلو عليكم الكتاب الناطق بالحجج والآيات؟
وقوله : (وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ) حال من مفعول «يدعوكم» أي : الرسول يدعوكم بالإيمان حال كونه تعالى قد أخذ ميثاقكم بالإيمان. وقرأ أبو عمرو : أخذ على البناء للمفعول ، أي : وقد أخذ الميثاق منكم بالإيمان قبل ذلك بنصب الأدلّة والتمكين من النظر.
(إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) لموجب مّا ، فإنّ هذا موجب لا مزيد عليه ، أي : إذا لم يبق لكم علّة بعد ارتفاع الشبه ، ولزوم الحجج العقليّة والنقليّة عليكم ، فما لكم لا تؤمنون؟
(هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ) يعني : محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم (آياتٍ بَيِّناتٍ) حججا منيرة وبراهين واضحة (لِيُخْرِجَكُمْ) أي : الله سبحانه ، أو عبده صلىاللهعليهوآلهوسلم (مِنَ الظُّلُماتِ) من ظلمات الكفر (إِلَى النُّورِ) إلى نور الايمان بالتوفيق والألطاف الهادية (وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) حيث نبّهكم بالرسل والآيات ، ولم يقتصر على ما نصب لكم من الحجج العقليّة. وإنّما جمع بين الرأفة والرحمة للتأكيد. وقيل : الرأفة النعمة على المضرور ، والرحمة النعمة على المحتاج.
وفي الآية دلالة على بطلان مذهب أهل الجبر ، فإنّه سبحانه بيّن أنّ الغرض في إنزال القرآن الإيمان به.
(وَما لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا) وأيّ شيء لكم في أن لا تنفقوا (فِي سَبِيلِ اللهِ) فيما يكون قربة إليه (وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يرث كلّ شيء فيهما ، فلا يبقى لأحد مال. وإذا كان كذلك فإنفاقه بحيث يستخلف عوضا يبقى ـ وهو الثواب ـ كان أولى. وهذا من أبلغ البعث على الإنفاق في سبيل الله.
ثمّ بيّن التفاوت بين المنفقين منهم ، فقال : (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ) قبل فتح مكّة ، إذ بالإنفاق وقع عزّ الإسلام وقوّة أهله ، ودخول الناس في