جاء أناه ، أي : وقته. (لِذِكْرِ اللهِ) لما يذكّرهم الله به من مواعظه. روي : أنّ المؤمنين كانوا مجدبين بمكّة ، فلمّا هاجروا أصابوا الرزق والنعمة ، ففتروا عمّا كانوا عليه من أفعال الخير ، فنزلت. وعن ابن مسعود : ما كان بين إسلامنا وبين أن عوتبنا بهذه الآية إلّا أربع سنين.
(وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِ) أي : القرآن. وهو عطف على الذكر عطف أحد الوصفين على الآخر. ويجوز أن يراد بالذكر أن يذكر الله. وقرأ نافع وحفص ويعقوب : نزل بالتخفيف.
(وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ) عطف على «تخشع». وقرأ رويس بالتاء. والمراد النهي عن مماثلة أهل الكتاب فيما حكي عنهم بقوله : (فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ) فطال عليهم الزمان لطول أعمارهم وآمالهم. أو ما بينهم وبين أنبيائهم. وقيل : طالت أعمارهم ، وطارت أعمالهم.
(فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ) غلظت وزال خشوعها ، ومرنوا على المعاصي واعتادوها.
ومن كلام عيسى عليهالسلام : «لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله». (وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) خارجون عن دينهم ، رافضون لما في كتابهم من فرط القسوة. فلا تكونوا مثلهم ، فيحكم الله فيكم بمثل ما حكم فيهم.
ثمّ مثّل لإحياء القلوب القاسية بالذكر والتلاوة ، فقال : (اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ) بالنبات (بَعْدَ مَوْتِها) بعد اليبس والجدوبة ، أي : فكذلك الله يحيي الكافر بالإيمان بعد موته بالضلال والكفر ، بأن يلطف له ما يؤمن به ، من إرسال الرسل وإنزال الكتب وغيره. أو انّ الله يليّن قلوب عبيده بعد قسوتها بالألطاف والتوفيقات الّتي من جملتها الذكر والتلاوة. وقيل : هذا تمثيل لإحياء الأموات ، ترغيبا في الخشوع ، وزجرا عن القساوة.
(قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ) الحجج الواضحات ، والدلائل الباهرات (لَعَلَّكُمْ