روي عن سعيد بن جبير : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعث جعفرا في سبعين راكبا إلى النجاشي يدعوه ، فقدم عليه ودعاه ، فاستجاب له وآمن به. فلمّا كان عند انصرافه قال ناس ممّن آمن به من أهل مملكته ، وهم أربعون رجلا : ائذن لنا في الوفادة على رسول الله ، فأذن لهم. فقدموا مع جعفر وقد تهيّأ لوقعة أحد ، فلمّا رأوا ما بالمسلمين من الخصاصة استأذنوا رسول الله ، وقالوا : يا نبيّ الله إنّ لنا أموالا ، ونحن نرى ما بالمسلمين من الخصاصة ، فإن أذنت لنا انصرفنا فجئنا بأموالنا ، فواسينا المسلمين بها ، فأذن لهم. فانصرفوا فأتوا بأموالهم ، فواسوا بها المسلمين. فأنزل الله فيهم : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ) إلى قوله : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) (١).
فلمّا سمع من لم يؤمن من أهل الكتاب قوله : (يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ) (٢) فخروا على المسلمين وقالوا : أمّا من آمن منّا بكتابكم وبكتابنا فله أجره مرّتين ، وأمّا من لم يؤمن بكتابكم فله أجر كأجركم ، فما فضلكم علينا؟ فأنزل الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ) الآية. فجعل لهم أجرين ، وزادهم النور والمغفرة.
ثمّ قال : (لِئَلَّا يَعْلَمَ) «لا» مزيدة. وعن الفرّاء : إنّما تدخل «لا» صلة في كلّ كلام دخل في أواخره أو أوائله جحد ، وإن لم يكن مصرّحا به ، نحو قوله : (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) (٣). (وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ) (٤). (وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) (٥).
__________________
(١) القصص : ٥٢ ـ ٥٤.
(٢) القصص : ٥٢ ـ ٥٤.
(٣) الأعراف : ١٢.
(٤) الأنعام : ١٠٩.
(٥) الأنبياء : ٩٥.