روي : أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان في حجرة من حجراته ، فقال : «يدخل عليكم الآن رجل قلبه قلب جبّار ، وينظر بعين شيطان». فدخل عبد الله بن نبتل المنافق ، وكان أزرق. فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم له : علام تشتمني أنت وأصحابك؟ فحلف بالله ما فعل. فقال عليهالسلام : فعلت. فانطلق فجاء بأصحابه ، فحلفوا بالله ما سبّوه. فنزلت :
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا) والوا (قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ) من منافقي اليهود (ما هُمْ مِنْكُمْ) أيّها المؤمنون (وَلا مِنْهُمْ) من اليهود ، لأنّهم لنفاقهم مذبذبون بين ذلك (وَيَحْلِفُونَ عَلَى) الله (الْكَذِبِ) وهو ادّعاء الإسلام (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) أنّ المحلوف عليه كذب ، كمن يحلف بالغموس (١). وفي هذا التقييد دليل على أنّ الكذب يعمّ ما يعلم المخبر عدم مطابقته وما لا يعلم.
(أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً) نوعا من العذاب متفاقما (إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) فتمرّنوا على سوء العمل وأصرّوا عليه.
(اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ) أي : الّتي حلفوا بها (جُنَّةً) سترة يتستّرون بها من المؤمنين ، يدفعون بها عن أنفسهم التهمة ، ووقاية دون دمائهم وأموالهم (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) فصدّوا الناس في خلال أمنهم وسلامتهم عن دين الله ، بتثبيط من لقوا عن الدخول في الإسلام ، وتضعيف أمر المسلمين عندهم (فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) وعيد ثان بوصف آخر لعذابهم. وقيل : الأوّل عذاب القبر ، وهذا عذاب الآخرة.
(لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١٧) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ
__________________
(١) اليمين الغموس أي : الكاذبة الّتي يتعمّدها صاحبها.