لأنّ فيه أداء واجب وتحصيل ثواب (وَأَطْهَرُ) وأدعى إلى نزاهة الباطن ونظافة الظاهر ، الداعية إلى مجانبة المعاصي ، كتقدّم الطهارة على الصلاة (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) لمن لم يجد ، حيث رخّص له في المناجاة بلا تصدّق.
(أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ) أخفتم الفقر يا أهل الميسرة من تقديم الصدقة؟ أو أخفتم تقديم الصدقات لما يعدكم الشيطان عليه من الفقر ، حيث قال : (الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ) (١)؟ والهمزة للتوبيخ لهم على ترك الصدقة إشفاقا من العيلة. وجمع «صدقات» لجمع المخاطبين ، أو لكثرة التناجي.
(فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا) ما أمرتم به وشقّ عليكم (وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ) بأن رخّص لكم أن لا تفعلوه. وفيه إشعار بأنّ إشفاقهم ذنب تجاوز الله عنه ، لما رأى منهم ممّا قام مقام توبتهم. و «إذ» بمعنى الظرف ، أو بمعنى «إن». (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) فلا تفرّطوا في أدائهما (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) في سائر الأوامر ، فإنّ القيام بها كالجابر للتفريط في ذلك (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) ظاهرا وباطنا ، من نيّاتكم وأعمالكم.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤) أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٥) اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (١٦))
__________________
(١) البقرة : ٢٦٨.