إلى غير بلادهم ، ليزدادوا إحسانا إلى إحسانهم وطاعة إلى طاعتهم.
وقيل : نزلت في الّذين كانوا في بلاد المشركين ، فأمروا بالمهاجرة عنه ، كقوله تعالى : (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها) (١).
وقيل : هي أرض الجنّة. يعني : أرض الجنّة واسعة ، فاطلبوها بالأعمال الصالحة.
(إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ) على مشاقّ الطاعة ، من احتمال البلاء ، ومهاجرة الأوطان والعشائر والأصدقاء (أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ) أجرا لا يهتدي إليه حساب الحسّاب. وقيل : بغير مكيال ولا ميزان.
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ الله ينصب الموازين يوم القيامة ، فيؤتى بأهل الصلاة فيوفّون أجورهم بالموازين ، ويؤتى بأهل الصدقة فيوفّون أجورهم بالموازين ، ويؤتى بأهل الحجّ فيوفّون أجورهم بالموازين ، ويؤتى بأهل البلاء ، فلا ينصب لهم ميزان ولا ينشر لهم ديوان ، ويصبّ عليهم الأجر صبّا. قال الله تعالى : (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ) حتّى يتمنّى أهل العافية في الدنيا أنّ أجسادهم تقرض بالمقاريظ ممّا يذهب به أهل البلاء من الفضل».
وروى العيّاشي أيضا بالإسناد عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إذا نشرت الدواوين ، ونصبت الموازين ، لم ينصب لأهل البلاء ميزان ، ولم ينشر لهم ديوان. ثمّ تلا هذه الآية».
(قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) موحّدا له (وَأُمِرْتُ) بذلك (لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) لأجل أن أكون مقدّمهم في الدنيا والآخرة ، لأن قصب السبق في الدين بالإخلاص. أو لأن أكون من دعا نفسه إلى ما دعا إليه غيره ، لأكون مقتدى بي في قولي وفعلي جميعا ، ولا تكون صفتي صفة الملوك الّذين
__________________
(١) النساء : ٩٧.