وروي عن أبي عبد الله عليهالسلام : «أنتم هم ، ومن أطاع جبّارا فقد عبده».
(فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) وضع فيه الظاهر موضع ضمير (الَّذِينَ اجْتَنَبُوا) للدلالة على مبدأ اجتنابهم ، وأنّهم نقّاد في الدين ، يميّزون بين الحقّ والباطل ، والحسن والأحسن ، والفاضل والأفضل. فإذا اعترضهم أمران : واجب وندب ، اختاروا الواجب. وكذلك اختاروا الندب على المباح ، والعفو على القصاص ، والإغضاء على الانتصار ، والإخفاء على الإبداء ، حراصا على ما هو أقرب عند الله وأكثر ثوابا ، لقوله : (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) (١) (وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) (٢). ويدخل تحته المذاهب ، واختيار أثبتها وأقواها. وقيل : معناه : يستمعون القرآن وغيره فيتّبعون القرآن.
روي عن أبي الدرداء قال : لولا ثلاث ما أحببت أن أعيش يوما واحدا : الظمأ بالهواجر ، والسجود في جوف الليل ، ومجالسة أقوام ينتقون من خير الكلام كما ينتقى طيّب التمر.
وعن ابن عبّاس : هو الرجل يجلس مع القوم ، فيسمع الحديث فيه محاسن ومساوئ ، فيحدّث بأحسن ما سمع ، ويكفّ عمّا سواه.
قيل : هاتان الآيتان في ثلاث نفر كانوا يقولون في الجاهليّة : لا إله إلّا الله : عمرو بن نفيل ، وأبو ذرّ الغفاري ، وسلمان الفارسي.
(أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ) لدينه (وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ) من العقول السليمة عن منازعة الوهم والعادة. وفي ذلك دلالة على أنّ الهداية تحصل بفعل الله وقبول النفس لها.
(أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ) جملة شرطيّة معطوفة على محذوف دلّ عليه سوق الكلام. تقديره : أَأنت مالك أمرهم؟ فمن حقّ عليه
__________________
(١) البقرة : ٢٣٧ و٢٧١.
(٢) البقرة : ٢٣٧ و٢٧١.