زيدت على «ربّ» و «ثمّ». وتغيّر بزيادة التاء حكم «لا» ، حيث لم تدخل إلّا على الأحيان. ولم يبرز إلّا اسمها أو خبرها ، وامتنع بروزهما جميعا.
وقيل : هي النافية للجنس ، أي : ولا حين مناص لهم. وقيل : للفعل ، والنصب بإضماره ، أي : ولا أرى حين مناص. وتقف الكوفيّة على التاء بالهاء كالأسماء ، والبصريّة بالتاء كالأفعال.
وقيل : إنّ التاء مزيدة على «حين» لاتّصالها به في الإمام. والمناص : الملجأ. من : ناصه ينوصه إذا فاته.
(وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ) بشر مثلهم ، أو امّي من عدادهم (وَقالَ الْكافِرُونَ) وضع فيه الظاهر موضع الضمير إظهارا للغضب عليهم وذمّا لهم ، وإشعارا بأنّ توغّلهم في الكفر وانهماكهم في الغيّ جسّرهم على هذا القول (هذا ساحِرٌ) فيما يظهره معجزة (كَذَّابٌ) فيما تقوّله على الله. وهل ترى كفرا أعظم وجهلا أبلغ من أن يسمّوا من صدّقه الله بوحيه كاذبا ، ويتعجّبوا من التوحيد ، وهو الحقّ الذي لا يصحّ غيره ، ولا يتعجّبوا من الشرك ، وهو الباطل الّذي لا وجه لصحّته أصلا؟! ثمّ بيّنوا تقوّله بقولهم : (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً) بأن جعل الالوهيّة الّتي كانت لآلهتنا لواحد. وذلك أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أبطل عبادة ما كانوا يعبدونه من الآلهة مع الله ، ودعاهم إلى عبادة الله وحده. فتعجّبوا من ذلك ، وقالوا : كيف جعل لنا إلها واحدا بعد ما كنّا نعبد آلهة؟
روي : أنّ عمر بن الخطّاب لمّا أظهر الإسلام شقّ على قريش وبلغ منهم ، فاجتمع خمسة وعشرون نفسا من صناديدهم ، منهم : الوليد بن المغيرة ، وهو أكبرهم ، وأبو جهل ، وأبيّ وأميّة ابنا خلف ، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة ، والنضر بن الحارث ، وأتوا عند أبي طالب وقالوا : أنت شيخنا وكبيرنا ، وقد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء ، يريدون : الّذين دخلوا في الإسلام ، وجئناك لتقضي بيننا